[حكم شحن الجوال من كهرباء المسجد]
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[16 Mar 2007, 07:45 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جرى نقاش بين الإخوة في هذا الفرع (هنا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=93379) (1) وهذا خلاصة ما عندي في الموضوع.
قد دلت جملة من الأدلة من الكتاب والسنة على التسامح في اليسير، كما
في الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ: «لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا».
وكون النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن التمرة؛ لخشيته أنها من تمر الصدقة، ولو لم يحرم عليه تمر الصدقة = لأكلها = أن لغيره أكلها ولو كانت من تمر الصدقة.
وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَصَبْتُ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ فَالْتَزَمْتُهُ فَقُلْتُ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَسِّمًا. لفظ مسلم.
وفي البخاري عن ابن عمر عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ.
وقد بوب البخاري: (ما يصيب من الطعام في أرض الحرب)
قال العيني في عمدة القاري: أي هذا باب في بيان حكم ما يصيب المجاهد من الطعام في دار الحرب هل يؤخذ منه الخمس أو هل يباح أكله للغزاة؟
وفيه خلاف فعند الجمهور لا بأس بأكل الطعام في دار الحرب بغير إذن الإمام ما داموا فيها فيأكلون منه قدر حاجتهم، ولا بأس بذبح البقر والغنم قبل أن يقع في المقاسم هذا قول الليث والأربعة والأوزاعي وإسحاق، واتفقوا أيضا على جواز ركوب دوابهم ولبس ثيابهم واستعمال سلاحهم حال الحرب ورده بعد انقضاء الحرب.
وقال الزهري: لا يأخذ شيئا من الطعام وغيره إلا بإذن الإمام.
وقال سليمان بن موسى: يأخذ إلا أن ينهى الإمام. انتهى.
وفي معنى ذلك آثار كثيرة ذكرها ابن أبي شيبة في المصنف.وغيره من أهل العلم.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرِ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ... » وحسنه الترمذي.
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم عن أبي سعيد الخدري: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أتى أحدكم على راعي إبل فلينادي: يا راعي الإبل ثلاثا فإن أجابه وإلا فليحلب وليشرب ولا يحملن، وإذا أتى أحدكم على حائط فليناد ثلاثا: يا أصحاب الحائط فإن أجابه وإلا فليأكل ولا يحملن».
ومخالط مال اليتيم كما قال الله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
قال الطبري: ننزلت في الذين عزلوا أموال اليتامى الذين كانوا عندهم، وكرهوا أن يخالطوهم في مأكل أو في غيره، وذلك حين نزلت (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا) ثم ذكر عن ابن عباس رضي الله عنه: لما نزلت: (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) عزلوا أموال اليتامى، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت:" وإن تخالطوهم فإخوانكم، والله يعلمَ المفسدَ من المصْلح، ولو شاء الله لأعنتكم"، فخالطوهم. اهـ
ويرجع لكلام المفسيرن عندها.
كما أن الأصول المطردة في الشريعة في: يسرها، ورفع الحرج، وعموم البلوى = تقتضي العفو والمسامحة في شحن الجوال لقلة تكلفته ذلك وحاجة المسلم له وموافقته في المعنى لشرط الواقف.
أعود الآن للتكييف الفقهي للمسؤلين عن المسجد الحرام، وإدارة الشؤون الإسلامية ونحوها في هذه المسألة.
¥