وقال عبدالله بن مسعود: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال هذا سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ: {وَأَنّ هََذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتّبِعُوهُ وَلاَ تَتّبِعُوا السّبُلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ} [الأنعام:153].
وإذا تأمل العاقل الذي يرجو لقاء الله هذا المثال وتأمل سائر الطوائف من الخوارج ثم المعتزلة ثم الجهمية والرافضة ومن أقرب منهم إلى السنة من أهل الكلام مثل الكرامية والكلابية والأشعرية وغيرهم (1) وأن كلا منهم له سبيل يخرج به عما عليه الصحابة وأهل الحديث ويدعى أن سبيله هو الصواب وجدت أنهم المراد بهذا المثال الذي ضربه المعصوم الذي لا يتكلم عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [مجموع الفتاوى (4/ 56ـ57)].
الثمرة السادسة
في اتباع السنة تحصل الشرع والدين
وذلك أن الدين معناه أن لا تعبد إلا الله ولا تعبد الله إلا بما شرع ولا طريق لنا في معرفة الشرع بغير القرآن العظيم والسنة النبوية، ولهذا كانت العبادات توقيفية ولا غرو قالت عائشة رضي الله عنها: " كان خلقه القرآن " وسنته صلى الله عليه وسلم شاملة لكل الدين. فهي المبينة للقرآن العظيم قال الله تبارك وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنِّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} وقال تعالى: {وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاّ لِتُبَيّنَ لَهُمُ الّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل:64].
توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي، فمن زاد أو أنقص فقد أساء وظلم".
وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"!
وهو الذي قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وهو الذي قال: " أفشوا السلام بينكم وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا جنة ربكم بسلام ".
وقال ابن تيمية رحمه الله: " ولهذا قال الفقهاء العبادات مبناها على التوقيف كما في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قبل الحجر الأسود وقال: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله r يقبلك لما قبلتك.
والله سبحانه وتعالى أمرنا باتباع الرسول وطاعته وموالاته ومحبته وأن يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما وضمن لنا بطاعته ومحبته محبة الله وكرامته فقال تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} وقال تعالى {وإن تطيعوه تهتدوا} وقال تعالى {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم}.
وأمثال ذلك في القرآن كثير ولا ينبغي لأحد أن يخرج في هذا عما وضحت به السنة وجاءت به الشريعة ودل عليه الكتاب والسنة وكان عليه سلف الأمة وما علمه قال به وما لم يعلمه أمسك عنه ولا يقفُ ما ليس به علم ولا يقول على الله ما لم يعلم فإن الله تبارك وتعالى قد حرم ذلك كله انتهى كلامه رحمه الله ".
فمن ثمرا ت اتباع السنة أنك باتباعها تحصل الدين جميعه.
إن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول عبده ورسوله تتضمن أمرين:
أن لا نعبد إلا الله وأن لا نعبده إلا بما شرع.
إن هذين الأمرين هما اللذان يقوم عليهما الدين.
أما نقول ذلك؟ إذاً الإتباع أن لا نعبد الله إلا بما شرع، وتحقيق هذا الأصل لا يكون إلا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معنى الجزء الثاني من الشهادة وأشهد أن محمداً رسول الله فلا طريق لك إلى معرفة عبادة الله إلا عن طريق اتباع رسول الله واتباع الرسول يكون بأخذ سنته صلى الله عليه وسلم ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". يعني تتقرب إلى الله بأمر انظر هذا الأمر هل هو من الأمور التي تقرب بها الرسول عليه الصلاة والسلام أم لا. فإذا وجدتها من ذلك فهي مقبولة إن شاء الله إذا توفرت شروط القبول وإذا لم يكن الأمر كذلك فهو مردود عليك ولذلك حكم أهل العلم إن الذين يتقربون إلى الله بأمور محدثة يعني ببدع لا تقبل منهم عبادتهم لماذا؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"
¥