قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى}، فمن اتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولزمها فإنه لم يعرض عن الدين ولا عن ذكر الله بل أقبل فهذا لا يكون حاله كمن أعرض وقد قال تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} وقال تعالى {وإن تطيعوه تهتدوا} وقال تعالى {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم}.
وبالمقابل جاءت آيات في حال من يعصي الله ورسوله قال تبارك وتعالى: {ومن يعص الله ورسوله ويتعدى حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين}، بل نفى الإيمان عمن لم يحقق الاتباع له صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون لك حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}، وقال تبارك وتعالى: {ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً}، وقال تعالى: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً}.
إذاً اتباع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام تحقيق للإيمان: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
الثمرة الثانية عشر
من ثمرات اتباع السنة أن في اتباعك للسنة وعملك بها إحياءً لها
وإحياؤك لها إظهاراً لها ودعوة للناس إليها، فمن عمل بالسنة، نتيجة عملك بها أجر وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعى إلى ضلالة كان له من الإثم مثل آثام من تبعه ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً".
وأخرج مسلم أيضاً عن جرير بن عبد الله قال جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فابطئوا عنه حتى رؤي ذلك في وجهه قال: ثم أن رجلاً من الأنصار جاء بصرة من ورق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: " من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة وعمل بها بعده كتب له مثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئاً "
إذاً من عمل بالسنة وأظهرها دعى الناس إليها بمجرد أنه أظهرها. فإذا عمل إنسان بهذه السنة كان لمن أظهرها أولاً أجر من عمل بها إلى يوم القيامة!
قد يقول قائل: يا شيخ الرسول صلى الله عليه وسلم قال من سن سنة حسنة يعني إنسان يعمل عمل ولو ما جاء في الشرع ولو ما جاء عن الرسول!
أقول لك: لا،ليس هذا معنى الحديث لأن أهل العلم يقولون إنما يعرف التحسين والتقبيح للأشياء من الشرع فمن أين لك هذا العمل حسن إذا لم يأت من الشرع فمصدرنا أن هذا حسن أو قبيح هو الشرع، يصير معنى الحديث: "من سن سنة حسنة " أي: من أحيا سنة من الشرع ولذلك الحديث ورد في الصدقة أن رجلاً جاء وقدم صدقة فجاء الناس بعده وتصدقوا.
دخل رجل المسجد ولقي فقيراً فخرَّج من ماله شيئاً وأعطاه! فلما رأوه الناس بادروا اقتداء به إلى إعطاء هذا الفقير ومساعدته! كل من عمل إقتداءً به يكون له أجر. فهل الصدقة وإخراجها من السنة التي ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أم سنة محدثة؟ إنها سنة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم.
ليس في الحديث أن الإنسان يعمل سنة من عند نفسه، لأن حسن السنن إنما يعرف من الشرع وليكن على ذكر منكم قوله صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ".
قال ابن حبان رحمه الله:" إن في لزوم سنته صلى الله عليه وسلم تمام السلامة وجماع الكرامة لا تطفئ سرجها ولا تدحض حججها من لزمها عصم ومن خالفها يذم إذ هي الحصن الحصين والركن الركين الي بان فضله ومتن حبله من تمسك به ساد ومن رام خلافه باد فالمتعلقون به أهل السعادة في الأجل والمغيوطون بين الأنام في العامل".انتهى كلامه.
¥