تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من الإجابة وفي المسند من حديث عبدالله بن عمر مرفوعا ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعملون وخرج ابن أبي الدنيا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا التائب من الذنب كمن لا ذنب له والمستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزي بربه ورفعه منكر ولعله موقوف قال الضحاك ثلاثة لا يستجاب لهم فذكر منهم رجلا مقيما على امرأة زنا قضي منها شهوته قال رب اغفر لي ما أصبت من فلانة فيقول الرب تحول عنها وأغفر لك وأما ما دمت عليها مقيما فإني لا أغفر لك ورجلا عنده مال قوم يري أهله فيقول رب اغفرلي ما آكل من فلان فيقول تعالى رد إليهم مالهم وأغفر لك وأما ما لم ترد إليهم فلا أغفر لك وقول القائل أستغفر الله معناه أطلب مغفرته فهو كقوله اللهم اغفر لي فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة قال بعض العارفين من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب في استغفاره وكان بعضهم يقول استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير وفي ذلك يقول بعضهم:

أستغفر الله من أستغفر الله ... من لفظة بدرت خالفت معناها

وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد ... سددت بالذنب عند الله مجراها

فأفضل الاستغفار ما قرن به ترك الإصرار وهو حينئذ يؤمل توبة نصوحا وإن قال بلسانه أستغفر الله وهو غير مقلع بقلبه فهو داع لله بالمغفرة كما يقول اللهم اغفر لي وهو حسن وقد يرجي له الإجابة وأما من تاب توبة الكذابين فمراده أنه ليس بتوبة كما يعتقده بعض الناس وهذا حق فإن التوبة لا تكون مع الإصرار) 395

وأنا أحتاج وغيري إلى أن ندرك أن ثمة خللاً ما في تصوراتنا وواقعنا , فتغليب جانب النزاهة على الأنفس , وإحسان الظن بها بناءاً على ثناء الناس وتزكياتهم وقلة العمل الصالح الخالص, نذير شؤمٍ وعلامة استدراجٍ من الله للبعض قد تُطمئنه ويسعى للحفاظ عليها , حتى ينكشف الغيب وتحين ساعة لقاء الله ويدرك بعدها أنه أقدم على الله خالياً مما تثقل به الموازين وترتفع به الدرجات من الأعمال التي لم يُرَد بها غير وجه الله ,وما أحوجنا اليوم شيباً وشباناً ,ومتلقين ومعلمين للعلم الشرعي إلى التواصي بعدم إغفال مثل هذه الجوانب الهامة لتي اظن انها أصبحت في تصور بعضنا من ملح العلم وطرائفه وهي في حقيقة الأمر لبُّ العلم وثمرتُه , فمن فارق الدنيا ولم يستفد منها إلا جعْلَ الله نصبَ عينيه في كل إقدام وإحجام ,وأورثه ذلك تعظيماً لأمر الله ونهيه, لا شكَّ أنه حصَّل سعادة الدارين ,وأترك المجال مفتوحاً لمشايخنا الكرام في هذا الملتقى النافع , لنتواصى بالحق, ونضع الحلول والعلاج لمرض الاستهانة بالذنوب والغفلة عن الوعيد المرَتب على ارتكابها, والله تعالى أعلم ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير