تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن قوله: (المسند) أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث المتصل إسنادها بالصحابةِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، وأنّ ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع تبعاً وعرضاً لا أصلاً ومقصوداً، وذكر للاستشهاد والاستئناس؛ ليكون الكتاب جامعاً لمعاني الإسلام.

ثمَّ تبعه بجمع الصحيح تلميذه وخريجه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النَّيْسابوري المتوفى سنة

(261ه‍)، وقد استفاد من شيخه البخاري، وفاق البخاريَّ من حيث التبويب، والترتيب، والجمع، والتنسيق، وكتاب البخاري أجود من حيث الصحة على رأي الجمهور.

هل استوعب الصحيحان جميع الصحيح؟

لم يستوعب الصحيحان جميع الصحيح، ولم يريدا ذلك، فقد قال البخاري: ((تركت من الصحاح لحالِ الطولِ) وقال الإمام مسلم: ((ليس كل شيء عندي صحيح وَضعته هاهنا)).

وَيوجد في كتب العلم تصحيح للإمام البخاري ومسلم لكثيرٍ من الأحاديث، وتوجد كتب أخرى التزم مصنفوها الصحة لكنهم وقعوا في بعض الأخطاء منهم ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن السكن، والضياء في المختارة.

تتمة يسيرة لفك بعض قيود التعريف:

مثال الشاذ: ما رواه عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه)) فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّ حينما جعل الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أنه من فعله هكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عند ابن ماجه (1199)، والنسائي في الكبرى (1456)، وكذا رواه محمد بن إبراهيم، عن أبي صالح عند البيهقي 3/ 45.

وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/ 45 فقال عن رواية الفعل: ((وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس) وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/ 308 فقال: ((هذا باطل وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه)). وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/ 672. وهذا الشذوذ في جميع المتن، وهناك شذوذ ببعض المتن كزيادة التسمية في حديث أنس في الوضوء.

مثال المعل: مثاله ما رواه شعبة عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، عن علقمة بن وائل، عن أبيه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ((غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)) فقال: آمين، وخفض بها صوته)).

وهذا الحديث فيه ثلاث علل نص عليها البخاري فيما نقله عنه الترمذي في الجامع عقب (248) فقال: ((سمعت محمداً – يعني البخاري – يقول: حديث سفيان أصح من حديث شعبة في مواضع من هذا الحديث، فقال: عن حُجر أبي العنبس، وإنما هو حجر بن عنبس، ويكنى أبا السكن، وزاد فيه: عن علقمة بن وائل، وليس فيه عن علقمة، وإنما هو حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر، وقال: ((وخفض بها صوته)) وإنما هو ((ومدّ بها صوته)).

ورواية سفيان الصحيحة هي ما قال فيها: عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: ((غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) فقال: ((آمين))، ومدّ بها صوته.

أقول: ومما يرجح رواية سفيان أنه قد توبع على ذلك تابعه العلاء بن صالح الأسدي ومحمد بن سلمة قال الترمذي

: ((وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث؟ فقال: حديث سفيان في هذا أصح، وقال: وروى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان)).

ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[25 Apr 2007, 04:30 م]ـ

فلسفة شروط الصحة، وقضايا أخرى تتعلق بالموضوع:

يفهم مما تقدم أن شروط الصحة مأخوذة من التعريف، وهي بمجملها: الاتصال، والعدالة، والضبط، و عدم الشذوذ، وعدم العلة.

وهذه الشروط منها ينبثق نقد المحدثين للحديث، ويكون نقدهم لها نقداً علمياً شاملاً متكاملاً بجمع عناصر الشروط بحيث تجمع الشروط في المتن والإسناد، ولا يفصل المتن عن الإسناد؛ لأن ذلك يقوم عندهم على المعرفة الحديثية والفقهية الشاملة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير