تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[04 May 2007, 02:20 م]ـ

أقسام الضعيف

تقدم فيما سبق أن أي شرط يفقده الحديث من شروط القبول أمر يجعل الحديث ضعيفاً، والأحاديث الضعيفة تتنوع بتنوع تلك الشروط غير المتوفرة، فمن خلال استقراء الأحاديث الضعيفة، بان لنا واتضح أن الأحاديث الضعيفة على قسمين:

القسم الأول: ماكان سببه عدم الاتصال.

والقسم الثاني: أسباب أخرى.

وسأذكر تفصيل أنواع القسم الأول، ثم أتكلم عن تفصيل القسم الثاني، فأقول وبالله التوفيق:

إن الاتصال: هو سماع الحديث لكل راو من الراوي الذي يليه، فإذا حصل عدم السماع في سند الحديث فيكون ذلك انقطاعاً، فكل ما فقد الاتصال فهو منقطع، لكن العلماء فصلوا في هذه الانقطاعات، ونوعوها على حسب الانقطاع؛ لتسهيل الاصطلاح، ولتنويع أنواع الانقطاعات حسب شدة الضعف، وأول حديث في صحيح البخاري قال فيه الإمام البخاري:

((حدَّثنا الحميدي (1)، قال: حدَّثنا سفيان (2)، قال: حدَّثنا يحيى (3) بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد (4) بن إبراهيم التيمي: أنه سمع علقمة (5) بن وقّاص الليثي يقول: سمعت عمر (6) بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم …)).

فهذا سند متصل، فلو فرضنا أن سقطاً في الإسناد حصل، وسقط أحد الرواة، فماذا يسمّى هذا النوع من الانقطاع؟.

نقول: إذا سقط رقم (1) يسمى الحديث معلّقاً، وإذا سقط رقم (6) يسمّى الحديث مرسلاً، وإذا سقط رقم (2) يسمّى الحديث منقطعاً، وإذا سقط رقم (4 و 5) يسمّى معضلاً، هكذا نوّع المحدّثون أنواع الانقطاعات؛ لفوائد يدركها الناقد.

وسأبدأ مفصلاً لكل نوع من أنواع الانقطاعات:

ألاً: المنقطع: ما سقط من سنده راو واحد، أو أكثر من واحد لا على التوالي.

مثال ذلك: ما رواه الدارقطني 2/ 7 من طريق الزهري، عن أم عبد الله الدوسية، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الجمعة واجبة على أهل كل قرية، وإن لم يكونوا إلا ثلاثة، رابعهم إمامهم)).

فهذا الحديث منقطع؛ فإنَّ الزهري لم يسمع من أمّ عبد الله.

وأمّا مثال ماسقط منه رجلان وهو منقطع: ما أخرجه الترمذي في جامعه (739) قال: حدّثنا أحمد بن منيع، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الحجّاج بن أرطاة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة، قالت: فقدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فخرجتُ فإذا هو بالبقيع، فقال: ((أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله) قلت: يا رسول الله، إنّي ظننت أنك أتيتَ بعض نسائك، فقال: ((إنَّ الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب)) 0

قال الإمام الترمذي عقب الحديث: ((سمعتُ محمداً يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجّاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير)).

وقد أضاف بعض العلماء أن الإبهام في الإسناد يسمّى انقطاعاً أيضاً، مثال ذلك: ما أخرجه أبو داود (3917) قال: ((حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا وهيب، عن سهيل، عن رجل، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته، فقال: ((أخذنا فألك من فيك)).

والحديث الذي في إسناده رجل مبهم ضعيف عند المحدّثين؛ لأنّنا اشترطنا في الراوي العدالة والضبط، ونحن لا نعلم هذين الشرطين؛ لسبب الإبهام، فضُعف الحديث بسبب ذلك، فكان وجوده كعدمه؛ ولهذا سمّاه بعضهم منقطعاً.

وهذا المبهم وما في معناه ربَّما كان ثقةً، وربَّما كان مجروحاً، ويرجَّح الأخير؛ لأنه لو كان ثقة معلوم القدر والمنزلة، مقبولاً عند من من سمع بذكره لما أبهمه تلميذه، ففي تصرفه ما يشعر بكونه ليس بثقة، ومن خلال استقراء كثير من المبهمات وُجد أغلبها عن ضعفاء، حتى قال الخطيب البغدادي: ((قلَّ من يروي عن شيخ فلا يسمّيه، بل يكنّي عنه، إلاّ لضعفه، وسوء حاله)).

وممّا يُعرف به الانقطاع: التنصيص على عدم السماع، ويقع ذلك من الراوي نفسه، وهو قليل، كقول عمر بن مرّة: قلت لأبي عبيدة (يعني ابن عبد الله بن مسعود): تذكر من أبيك شيئاً؟ قال: لا.

وتارةً بتنصيص من روى عنه من الثقات، وتارةً بتنصيص الناقد العارف من جهابذة هذا الفنّ، كما حصل من تصريح البخاري في حديث الترمذي السابق، وذلك بناءً على الاستقراء، والنظر على عدم الإدراك، أو اللقاء، أو السماع، وكذلك يُعرف عدم السماع بتأريخ وفاة الشيخ، ومولد التلميذ، فإن كان التلميذ ولد بعد وفاة الشيخ، أو كان صغيراً في سن لا يحتمل السماع، فهو انقطاع، وكذلك يُعرف الانقطاع بوجود قرينة تدل على الانقطاع، كقول الراوي: حدّثتُ عن فلان، أو أخبرتُ عن فلان، وكذلك يُعرف الانقطاع بافتراق بلد الراوي وشيخه، بما يكون قرينة على عدم التلاقي.

وهذه أمور تُدرك بمراجعة كتب الرجال، ومنها: مراسيل ابن أبي حاتم، وجامع التحصيل للعلائي، وتحفة التحصيل لأبي زرعة العراقي.

و الأصل في الحديث المنقطع: أنه ضعيف عند المحدّثين؛ لأنه فقد شرط الاتصال؛ وللجهالة بحال الساقط الذي لم تعرف عدالته، ولا ضبطه. قال الشوكاني: (ولا تقوم الحجّة بالحديث المنقطع، وهو الذي سقط من رواته واحد ممَّن دون الصحابي؛ وذلك للجهل بحال المحذوف من حيث عدالته وضبطه؛ لأنَّ ثبوت هذا شرط لقبول الحديث).

ثانياً: المعضل: وهو عبارة عمّا سقط من إسناده اثنان فصاعداً على التوالي، وهو أسوأ حالاً من المنقطع، والمنقطع أسوأ حالاً من المرسل، والمرسل لا تقوم به حجَّة، كما نصَّ عليه بعض العلماء.

وذلك كرواية مالك، عن عمر مثلاً، فمالك لايروي عن عمر إلاّ بينه وبينه راويان: نافع، عن ابن عمر، عنه، أو سالم، عن ابن عمر، عنه.

والمعضل: لقب خاص لنوع من المنقطع، فكل معضل منقطع، وليس كل منقطع معضلاً.

ويُعرف الإعضال بما سبق ممّا يُعرف به المنقطع، ويتأكد ذلك بأحد أمرين:

أولاً: التأريخ، وذلك ببُعد طبقة الراوي، عن طبقة شيخه.

ثانياً: دلالة السبر لطرق الحديث.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير