تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي وقال بأن حفظ الشيء فضل ... وفضل الله لا يهدى لعاصي (16) وقال الضحاك بن مزاحم: ما من أحد تعلم القرآن فنسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" (17)، وقال الشعبي رحمه الله: (كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به) (18)، وقال الثوري: (يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل) (19).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (ومن الطرق التي تعين على حفظ العلم وضبطه أن يهتدي الإنسان بعلمه، قال الله تعالى: "وَالَّذِينَ اهْتَدَوا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ"، وقال: "وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً" فكلما عمل الإنسان بعلمه زاده الله حفظاً وفهماً لعموم قوله: "زَاَدَهُمْ هُدىً").

4 - اختيار الوقت المناسب: فقد قال الخطيب البغدادي رحمه الله: (اعلم أن للحفظ ساعات ينبغي لمن أراد الحفظ أن يراعيها، فأجود الأوقات الأسحار، ثم بعدها وقت انتصاف النهار، وبعدها الغدوات دون العشيات، وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار، قال: وإنما اختاروا المطالعة بالليل لخلو القلب، فإن خلوه يسرع إليه الحفظ، ولهذا قال حماد بن زيد لما قيل له: ما أعون الأشياء على الحفظ؟ قال: قلة الغم. وليس يكون قلة الغم إلا مع خلو السر وفراغ القلب، والليل أقرب الأوقات من ذلك) (20).

5 - الحفظ في الصغر: قال قتادة رحمه الله: (الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر). وقال معمر: (سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما شيء سمعت من تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري) (21).

6 - الاهتمام: فإن من أعون الأشياء للطالب على الحفظ أن يجعل ما يريد أن يحفظه حل همه وحديث نفسه، قال الإمام البخاري رحمه الله: (لا أعلم شيئاً أنفع للحفظ من نهمة الرجل ومداومة النظر) ثم قال: (وذلك أني كنت بنيسابور مقيماً فكان ترد إلي من بخارى كتب، وكن قرابات لي يقرئن سلامهن في الكتب فكنت أكتب كتاباً إلى بخارى وأردت أن أقرئهن سلامي فذهبت علي أساميهن، حين كتبت كتابي، ولم أقرئهن سلامي، وما أقل ما يذهب عني من العلم) (22). والبخاري هو القائل: (تذكرت يوماً أصحاب أنس فحضرني في ساعة ثلاثمائة نفس) (23)، ولما قيل له: أنت الذي تقول إني أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم، وأكثر، ولا أجيئك بحديثك من الصحابة والتابعين إلا عرفتك بمولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم (24).

7 - الصبر في البداية: على ما يصيب الطالب من صعوبة الحفظ والسآمة والملل، فإنه ما يلبث أن يزول ذلك عنه ويتعود الحفظ، ويسهل عليه، يقول محمد بن شهاب الزهري رحمه الله: (إن الرجل ليطلب وقلبه شعب من الشعاب، ثم لا يلبث أن يصير وادياً لا يوضع فيه شيء إلا التهمة) (25). وقال العسكري رحمه الله: (مصداق ذلك ما أخبرنا الشيخ أبو أحمد الصولي عن الحارث بن أسامة قال: كان العلماء يقولون: كل وعاء أفرغت فيه شيئاً فإنه يضيق إلا القلب، فإنه كلما أفرغ فيه اتسع، قال: وكان الحفظ يتعذر علي حين ابتدأت، ثم عودته نفسي إلى أن حفظت قصيدة قريبة من مائتي بيت في ليلة) (26).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


(1) أخرجه مسلم.
(2) مقدمة كتاب النشر لابن الجزري.
(3) الجامع للخطيب 2/ 250.
(4) الحث على الحفظ لابن الجوزي ص25 - 26.
(5) الكامل لابن عدي 1/ 95.
(6) جامع بيان العلم ص116.
(7) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/ 251.
(8) الحث على حفظ العلم لابن الجوزي ص12.
(9) أخرجه مسلم 1/ 545 ح791.
(10) الحث على الحفظ لابن الجوزي ص12.
(11) المرجع السابق ص21.
(12) سير أعلام النبلاء 5/ 258.
(13) الفقيه والمتفقه 2/ 107.
(14) انظر: جزء (ماء زمزم لما شرب له) لابن حجر ص37.
(15) سنن الدارمي 1/ 117 ح376.
(16) الجامع لأخلاق الراوي 2/ 258.
(17) فضائل القرآن لابن كثير ص138.
(18) جامع بيان العلم ص291.
(19) جامع بيان العلم ص290.
(20) الفقيه والمتفقه 2/ 103.
(21) سير أعلام النبلاء 7/ 6.
(22) سير أعلام النبلاء 12/ 406.
(23) هدي الساري ص488.
(24) الحث على طلب العلم لابن الجوزي ص68.
(25) الحث على طلب العلم ص71.
(26) الحث على طلب العلم ص71.

المصدر: الإسلام اليوم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير