وقال عكرمة: إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار: هي الساعة التي تكون في الدنيا عند ارتفاع الضحى الأكبر، إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة، فينصرف أهل النار إلى النار، وأما أهل [الجنة فيُنطلق بهم إلى] الجنة، فكانت قيلولتهم [في الجنة] وأطعموا كبد حوت، فأشبعهم [ذلك] كلهم، وذلك قوله: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا).
وقال سفيان، عن مَيسَرة، عن المِنْهَال، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: لا ينتصف النهار حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ثم قرأ: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا)
2 ـ قول الله عزَّ و جلَّ {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} سورة الأعراف: 4.
قال القرطبي في تفسيره: وَ " قَائِلُونَ " مِنْ الْقَائِلَة وَهِيَ الْقَيْلُولَة ; وَهِيَ نَوْم نِصْف النَّهَار. وَقِيلَ: الِاسْتِرَاحَة نِصْف النَّهَار إِذَا اِشْتَدَّ الْحَرّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَوْم. وَالْمَعْنَى جَاءَهُمْ عَذَابُنَا وَهُمْ غَافِلُونَ إِمَّا لَيْلًا وَإِمَّا نَهَارًا.
وقال البغوي في تفسيره: (أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) من القيلولة, تقديره: فجاءها بأسنا ليلاً وهم نائمون, أو نهاراً وهم قائلون, أي نائمون ظهيرة, والقيلولة الاستراحة نصف النهار, وإن لم يكن معها نوم. ومعنى الآية: أنهم جاءهم بأسنا وهم غير متوقعين له إما ليلاً أو نهاراً.
ـ وتقسم القيلولة، بشكل عام، إلى ثلاثة أنواع: القيلولة الملكية أو الطويلة، وهي التي تتعدى ثلاثين دقيقة، والمعتدلة وتكون ما بين 5 و30 دقيقة، والسريعة وهي الغفوة القصيرة التي لا تتعدى خمس دقائق. لكن أغلب الدراسات تؤكد أن المدة المناسبة للقيلولة هي من 15 إلى 20 دقيقة، وأن التوقيت الأفضل لها هو ما بين الساعة الواحدة والساعة الثالثة بعد الزوال، وهي الفترة التي ينخفض فيها النشاط الفكري والجسمي للإنسان، وهي كذلك ثاني فترة تقع فيها أغلب حوادث السير الخطيرة، بعد الفترة الليلية الممتدة ما بين الثانية والخامسة صباحاً.
ـ والقيلولة تنشط المخ والذاكرة فقد وجد هؤلاء أن أخذ فترة قيلولة طويلة نسبياً يحسّن أداء العاملين والموظفين وحتى الطلاب الذين يعانون من تعب وإرهاق وانخفاض ذهني ملحوظ.
ـ وتناقلت وكالات الأنباء العالمية مؤخراً خبر إعادة محاكمة أحد المتهمين في بريطانيا بسبب غفوة القاضي.
ـ ولا يمكن لمن درس عند (الكتَّاب القرآني) أن ينسى غفوات الفقيه ومعظم "الطلبة" رغم تمايلهم مع إيقاع القراءات الجماعية للقرآن.
ـ وكلنا يذكر نكتة المعلم الذي فاجأه المفتش غارقاً في قيلولته خلال الدرس، فلما انتبه توجه للتلاميذ قائلاً:
هكذا كان ينام الصحابة رضوان الله عليهم.
ـ وقال حاكم ظالم لأحد الدراويش:
ماذا تحمد من أعمالي؟
فقال: قيلولتك، ففي أثنائها لا يصيبنا أذاك.