مثلا رجل كان مع الصالحين ولكن عنده سيئات يشرب الخمر، يزني أو يفعل أي شيء من المحرمات نسأل الله السلامة والعافية.
فشاء الله لما جاء يوم القيامة ما تاب من هذه الأشياء فيدخل النار، فإذا دخل ذلك الرجل الصالح الذي كان يجلس معه الجنة يقول يا رب كيف أتنعم في نعيم الجنة وأخي يعذب فيأذن الله بالشفاعة، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم):
(فلا يزال الرجل يشفع حتى يشفع للرجل الذي جلس معه لحظة واحدة في ذكر الله عز وجل).
لحظة واحدة في ذكر الله عز وجل توجب للإنسان الشفاعة، فهذه من خيرات الجلوس مع الصالحين.
ومن خيرات الجلوس مع الصالحين أن القلوب تنشرح والصدور تنشرح وتطمئن بذكر الله عز وجل.
ولذلك تجد الإنسان إذا جلس مع الصالحين يقوم ونفسه معلقة بالسماء، معلقة بطاعة الله، يريد أن يفعل أي خير يقربه إلى الله.
والله ما جلس الإنسان مع صالح موفق إلا دله على الله، وهذا والله هو الصديق الذي تقوم من عنده وحالك أصلح من حالك إذ جلست.
بعض الناس مبارك إذا جلست معه تقوم من عنده وقلبك معلق بالله، وقلبك وروحك تريد رضوان الله، ما تريد إلا شيء يدلك على الله.
وبعض الناس إذا جلست معه تريد فقط خصلة من خصال الخير تقربك إلى الله.
ومجلس واحد من ذكر الله عز وجل قد يجعل الإنسان يغير حياته كلها إذا صدق في عبوديته لله وتأثر بما يقال له من أوامر الله ونواهيه.
فالمقصود أن الجلوس مع الصالحين يعتبر من أهم الأسباب التي تدل الإنسان على ربه.
والجليس الصالح هو الذي إذا نسيت الله ذكرك.
وإذا ذكرت الله أعانك.
والكلمة الطيبة من الرجل الطيب تطيب بها القلوب والنصيحة الصالحة من الرجل الصالح يصله الله بها الأحوال.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم مجالس الصالحين.
وقد بين النبي (صلى الله عليه وسلم) أن مجالس الصالحين تغشاها الملائكة وهي حلق الذكر التي تحفها الملائكة إلى السماء، ويطيب بها وقت الإنسان، وتطيب بها حياته.
وأما استبدال سوءُ الظن بحُسنِ الظن فهذا أمر مهم جدا لكل إنسان، فاللهَ تعالى فوق ما تظنَ من الرحمة، إن تقربت منه شبرا تقرب منك ذراعا، إن تقربت منه ذراعا تقرب منك باعا، إن أتيته تمشيِ أتاك يهرول.
كل واحد ينبغي أن يكون عنده شعور يعلم أنه لا أرحم به من الله عز وجل.
ولله لو أن الإنسان حملَ ذنوبَ هذه الحياةَ كلها، وجاء في لحظة واحدة تائبا إلى الله منكسرا بين يدي الله يرجُو رحمة الله، والله ما يخيبه الله من رحمته، ولا يقنطه من روحه سبحانه وتعالى.
فهو اكرم من سؤل وأعظم من رجي وأمل.
وفي قصص التائبين عبر، فإن الإنسان قد يتوب من ذنوب الحياة ويجعل الله عز وجل توبته في لحظة واحدة موجبة لغفران حياته كلها.
ولذلك أصدق شاهد بعض الناس، بعض الحجاج يقدم على الله في هذه البلاد الطيبة، يمكن سبعين سنة ما يعرف الله عز وجل، في معاصي وفي ذنوب وفي سيئات، يأتي إلى الله في آخر عمره تائبا منيبا، الدمعة ما تتملكها عينه.
قبل أسبوعين تقريبا كنت مع رجل من كبار أهل المدينة، فيقول لي أنه في حج هذه السنة حصلت عبرة، يقول:
(كان هناك أحد أصدقائنا رجل كنا نخشى الجلوس من كثر معاصية، وكثرة ما يفعل والعياذ بالله من المعاصي.
يقول فشاء الله عز وجل في أخر حياته قبل الحج أن ابتلاه بمرض، فدخل المستشفى فأجريت له عملية.
فخرج من المستشفى منهوك القوى، يعني في آخر حياته بحالة لا يعلمها إلا الله عز وجل.
يقول فجلس فترة النقاهة بعد العملية وهذا قبل الحج تقريبا بشهر، فارتاحت نفسه واطمأنت نفسه.
فشاء الله عز وجل مع المرض -وماله في الإفاقة من المرض إلا أيام قليلة واقتربت أيام الحج- فإذا به يصيح على أبنائه (وهو رجل ثري في نعمة وفي جاه)، يصيح على أبنائه ويقول أريد الحج.
قالوا يا أبانا أنت ضعيف ومريض وأنت لا تستطيع أن تحج مع العملية.
قال أريد الحج.
فما كان من أبنائه إلا أن أعانوه على الحج، وكانت معه امرأته فشاء الله عز وجل أنه قدم إلى جده.
ومضى في اليوم السابع يريد الحج، وفي طريقه إلى مكة إذا به يتأوه من قلبه، فلما تألم من قلبه.
تحكي عنه زوجته وتقول جلس يقول لا إله إلا الله يكررها.
تقول امرأته ماذا بك يا فلان؟ قال لها الموت.
ثم قال لا إله إلا الله وسقط ميتا في ساعته.
¥