سئل الشيخ –رحمه الله تعالى – ما رأي فضيلتكم في تعلم التجويد والالتزام به وهل صحيح ما يذكر عن فضيلتكم حفظكم الله تعالى – من الوقوف بالتاء في نحو (الصلاة – الزكاة)؟
فأجاب قائلاً: لا أرى وجوب الالتزام باحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد وإنما ارى أنها من تحسين القراءة وباب التحسين غير باب الإلزام وقد ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك – رضي الله عنهما – أنه سئل كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مداً قرا بسم الله الرحمن الرحيم يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم والمد هنا طبيعي لا يحتاج إلى تعمده والنص عليه هنا يدل على أنه فوق الطبيعي.
ولو قيل بأن العلم بأحكام التجويد المفصلة في كتب التجويد واجب للزم تاثيم أكثر المسلمين اليوم ولقلنا لمن اراد التحدث باللغة الفصحى: طبق أحكام التجويد في نطقك بالحديث وكتب أهل العلم وتعليمك ومواعظك
وليعلم أن القول بالوجوب يحتاج إلى دليل نبرأ به الذمة أمام الله – عز وجل في الزام عباده بما لا دليل على إلزامهم به من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع المسلمين وقد ذكر شيخنا عبدالرحمن بن سعدي – رحمه الله – في جواب له أن التجويد حسب القواعد المفصلة في كتب التجويد غير واجب
وقد أطلعت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حول حكم التجويد قال فيه ص 50مجلد 16 من مجموع ابن قاسم للفتاوى: " ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيمها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه وكذلك شغل النطق ب ـ (أأنذرتهم) وضم الميم من (عليهم) ووصلها بالواو وكسر الهاء أو ضمها ونحو ذلك وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت " ا. هـ بقلم: محمد مصطفى (من تلاميذ مدرسة الربانية)
وقال الشيخ مصطفي سلامة صاحب كتاب "التأسيس في أصول الفقه علي ضوء الكتاب والسنة" في جوابه علي حكم التجويد:" أن علم التجويد غاية ما فيه أنه مستحب" وبهذا قال الشيخ أسامة القوصي ـ من طلبة الشيخ مقبل بن هادي ـ
وإن كان أكثر علماء التجويد يقولون بكلام ابن الجزري " من لم يجود القرآن آثم" لاشك أن الحل والحرمة ينظر فيه إلي أقوال الفقهاء، ولا ننكر أن ابن الجزري وبعض القراء فقهاء كما أذن ابن كثير المفسر لابن الجزري بالفتيا،إلا أنه خلاف ما عليه جمهور الفقهاء في هذه المسألة كما نقلت أقوال بعض الفقهاء سابقا ومعلوم أن أصحاب كل فن يتعصبون لفنهم كما هو معلوم. وحتي ابن الجزري لم يتطرق إلي الاختلاف في الهيئة من باب الانكار بل عد الخلاف في نحو المدود والإمالة ونحوها من المسموح به.
قال ابن الجزرى فى صفحة 57 فى التقريب،: وأما نحو اختلاف الإظهار والإدغام والروم والإشمام والتفخيم والترقيق والنقل مما يعبر عنه فى اصطلاح علماء هذا الفن بالأصول فهذا ليس بالاختلاف الذى يتنوع فيه اللفظ والمعنى لأن هذه الصفات المتنوعة فى أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا ولئن فرض فيكون من الوجه الأول وهو الذى لا تتغير فيه الصورة والمعنى. أ. هـ
وقال ابن الجزري فى تقريب النشر أيضا: أما من قال بتواتر الفرش دون الأصول فابن الحاجب قال فى مختصر الأصول له: القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمد و الإمالة وتخفيف الهمزة ونحوه، فزعم أن المد والإمالة وما أشبه ذلك من الأصول كالإدغام وغيره من قبيل الأداء وأنه غير متواتر وهذ قول غير صحيح كما سنبينه ثم أخذ يعلق على ابن الحاجب.
قال المحقق الشيخ إبراهيم عطوة:" وأن الأنصاف يقتضينا أن نحمل كلام ابن الحاجب على أن ما كان من قبيل الهيئة وليس من جوهر اللفظ بحيث يتحقق اللفظ بدونه هو الذى ليس متواترا كالزائد عن أصل المد وإلا فأصل المد متواتر ولا يصح أن يخالف فى ذلك أحد وقد صرح فى جمع الجوامع والعطار فى الأصول بذلك وكذلك ينبغى أن تحمل كلام ابن الحاجب فى الإمالة وغير ذلك من قبيل الهيئة على أن الزائد على الأصل هو الذى لم يكن متواترا. ج 2 ص271
¥