[من لطائف الخلاف في التفسير]
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[02 - 03 - 04, 01:18 ص]ـ
العناية بفهم الكتاب المجيد دليل على الخير و التسديد و علوم القرآن أسها فهم
التفسير وما يتعلق به من لغة وقف و سبب نزول وغير ذلك.
وهذه سلسلة في آيات يختلف معناها و موقعها النحوي بحسب اختلاف الوقف.
فيمكن أن نقول تأثير المعنى على الوقف و نقول تأثير الوقف على المعنى
فيختلف المعنى بحسب الوقف و يتأثر الوقف بسبب فهم القارئ و المفسر للمعنى ......
من ا لآيات
قوله تعالى:
) قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العبدين (الزخرف-81 ()
في الوقف عليها قولان:
القول الأول: أن الوقف على {ولد} وتكون {إن} نافية بمعنى (ما) والمعنى ما كان للرحمن ولد، ثم يبتدئ فأنا أول العابدين وهو قول الحسن () وقتادة () واختيار أبي حاتم () وذكره يعقوب عن قوم () واختاره ابن الأنباري ().
القول الثاني:
أن الوقف على: {العابدين} وتكون {إن} شرطية على بابها أي إن كان للرحمن ولد على زعمكم فأنا أول من عبد الله ووحده، وهذا قول مجاهد () والسدي ().
و القول بأنها شرطية هو الراجح وهو اختيار الإمام الطبري: على معنى: أنه إلطاف من الله تعالى لهم
كقوله تعالى:
{و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سبأ - 24) ().
وقد اختلف المفسرون في {العابدين} فقيل بمعنى العبادة وقيل من عبد بمعنى غضب أو أنف وأن أول العابدين معناه: أول الغضاب الآنفين وذكروا له شواهد من كلام العرب ().
وقد ذكر الأزهري () أن الآية مشكلة وذكر الأقوال فيها ورجح أن معناها:
(إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين إله الخلق الذي لم يلد ولم يولد لأن من عبد الله وحده فقد دفع أن يكون له ولد. وقال: وإلى هذا ذهب جماعة من ذوي المعرفة. قال ولا يجوز عندي غيره) اهـ. باختصار () والقول بأن العبادة على بابها وهي على المعنى المعروف المتبادر للذهن هو القول الراجح في معنى الآية لأن حمل العبادة على غير المعنى المعروف المتبادر منها حمل لكتاب الله تعالى على غير المعنى الواضح بلا موجب.
وأما ? ما ? فالقول بأنها شرطية أرجح وأظهر كما قلت سابقا.
واختاره بالإضافة إلى من تقدم الإمام ابن كثير وعبارته رحمه الله تعالى في ذلك حسنة فإنه قال: (يقول تعالى ? قل ? يا محمد ? إن كان للرحمن ولد فأنا أول العبدين ? أي لو فرض هذا لعبدته على ذلك لأني عبد من عبيده مطيع لجميع ما يأمرني به ليس عندي استكبار ولا إباء عن عبادته فلو فرض هذا لكان هذا ولكن هذا ممتنع في حقه سبحانه وتعالى والشرط لايلزم منه الوقوع و لا الجواز أيضا كما قال الله عز وجل ? لو أراد الله أن يتخذ ولدا لا صطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ?
الإيضاح 2/ 886 والقطع 651 و المكتفى ص
تفسير الطبري 25/ 103 510
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[02 - 03 - 04, 09:28 ص]ـ
أحسنت شيخنا الكريم، بارك الله فيك وحفظك.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[03 - 03 - 04, 05:27 ص]ـ
تتميم
وقال ابن عاشور في تفسيره:
(ونظم الآية دقيق ومعضل، وتحته معان جمة: وأولها وأولاها: أنه لو يعلم أن لله أبناء لكان أول من يعبدهم، أي أحق منكم بأن أعبدهم، أي لأنه ليس أقل فهما من أن يعلم شيئا ابنا لله ولا يعترف لذلك بالإلهية لأن ابن الله يكون منسلاّ من ذات إلهية فلا يكون إلا إلها وأنا أعلم أن الإله يستحق العبادة .... الخ) اهـ.
و عبِد يعبَد بفتح الباء بمعنى غضب و أنف.
وحمل الآية عليه فيه اختلاف كما تقدم و الراجح و العلم عند الله حملها على العبادة المعروفة.