[ما هو تفسير الآية (فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسال الذين يقرؤون الكتاب من قبلك)]
ـ[أحمد فاطمي]ــــــــ[22 - 06 - 05, 12:22 ص]ـ
ما هو التفسير المأثور عن السلف رحمهم الله في قول الله تعالى (فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسال الذين يقرؤون الكتاب من قبلك)؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 - 06 - 05, 02:23 ص]ـ
هذا بحث مفصل عن معنى هذه الآية كتبته قريباً:
قال الله تعالى
? فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ? [يونس: 94]
أشكل فهم هذه الآية على طوائف من الناس، وقالوا: كيف يقع الشك من النبي r ؟ وكيف يؤمر بسؤال الذين يقرأون الكتاب من قبله؟. وقد أشار ابن القيّم رحمه الله إلى هذا الإشكال، وبيّن معنى الآية، وذكر ما قيل في تفسيرها من جوابات لهذا الإشكال، وما الصحيح من تلك الأقوال، فقال:
(وقال تعالى: ? فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ?، وقد أشكلت هذه الآية على كثير من الناس، وأورد اليهود والنصارى على المسلمين فيها إيراداً وقالوا: "كان في شك، فأمر أن يسألنا". وليس فيها بحمد الله إشكال، وإنما أتي أشباه الأنعام من سوء قصدهم وقلة فهمهم، وإلا فالآية من أعلام نبوته r ، وليس في الآية ما يدل على وقوع الشك، ولا السؤال أصلاً؛ فإن الشرط لا يدل على وقوع المشروط، بل ولا على إمكانه، كما قال تعالى: ? لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ? (الانبياء: من الآية22)، وقوله: ? قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ? (الاسراء:42)، وقوله: ? قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ? (الزخرف:81)، وقوله: ? وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ? (الزمر: من الآية65)، ونظائره؛ فرسول الله r لم يشك ولم يسأل.
وفي تفسير سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله r قال: لا أشك ولا أسأل. ([1])
وقد ذكر ابن جريج، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فإن كنت في شك أنك مكتوب عندهم فاسألهم. ([2])
وهذا اختيار ابن جرير؛ قال: (يقول تعالى لنبيه: فإن كنت يا محمد في شك من حقيقة ما أخبرناك، وأنزلنا إليك - من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوتك قبل أن أبعثك رسولاً إلى خلقي؛ لأنهم يجدونك مكتوباً عندهم، ويعرفونك بالصفة التي أنت بها موصوف في كتبهم - فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك، كعبدالله بن سلام، ونحوه من أهل الصدق والإيمان بك منهم، دون أهل الكذب والكفر بك.) ([3])
وكذلك قال ابن زيد؛ قال: هو عبدالله بن سلام، كان من أهل الكتاب فآمن برسول الله r .([4])
وقال الضحاك: سل أهل التقوى والإيمان من مؤمني أهل الكتاب ممن أدرك نبي الله r .([5])
ولم يقع هؤلاء ولا هؤلاء على معنى الآية ومقصودها، وأين كان عبدالله بن سلام وقت نزول هذه الآية؟!؛ فإن السورة مكية، وابن سلام إذ ذاك على دين قومه. وكيف يؤمر رسول الله r أن يستشهد على منكري نبوته بأتباعه؟!.
وقال كثير من المفسرين: هذا الخطاب للنبي r ، والمراد غيره؛ لأن القرآن نزل عليه بلغة العرب، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره، كما يقول متمثلهم: "إياك أعني واسمعي يا جارة" ([6])، وكقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ? (الأحزاب: من الآية1)، والمراد أتباعه بهذا الخطاب.
قال أبو إسحاق: إن الله تعالى يخاطب النبي r ، والخطاب شامل للخلق. والمعنى: وإن كنتم في شك. والدليل على ذلك قوله تعالى في آخر السورة: ? قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ? (يونس: من الآية104). ([7])
¥