وكتابي المعنون: "الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" رسالة تأصيلية في هذا السبيل نسأل الله قبولها ووصولها ..
كما يحسن التأكيد على أني لم ألتق الدكتور الترابي قط، (وصف حلك والترابي هذه قول ابن المعتز
(إنا على البعاد والتفرق ... لنلتقي بالذكر إن لم نلتقي) فأقول اللقاء لقاءان:
1. الأول لقاء الأجسام وهو ما نفيته بقولك (كما يحسن التأكيد على أني لم ألتق الدكتور الترابي قط) وهذا اللقاء لا وزن له في موضوعنا فنحن لا نعيب على من (وطئت قدمه أرض السودان الطيبة) أو نظر بعينه إلى شخص الترابي أو جلس بجواره جلوسا عابرا هنا أو هناك وإنما نعيب على من هداه الله وعلمه من الحق ما علمه ثم يكون حاله كما قال الله تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (فصلت:17)
2. والثاني لقاء الأفكار وهو ما أثبته بدفاعك هذا عن شذوذات الترابي وببعض كتاباتك ومقالاتك الأخرى، وهذا اللقاء هو المؤثر. وهو الذي رتب عليه الذم والعتب
ولا وطئت قدمي أرض السودان الطيبة. ويوم كان الترابي ذا جاذبية سياسية عظيمة وحضور وطني ودولي لم أحضر (أي بجسمك وإن كنت حضرت بفكرك) مؤتمراته،
ولا اشتركت في "مؤتمره الشعبي العربي الإسلامي" .. (وهنا تكمن الخطورة لأنه لم تدفعك شهوة مال أو سلطان للمحاماة عن الترابي ولكن دفعك الهوى والبدعة فأنت وإن نجوت من ضلال الشهوة لكنك سقطت في ضلال الشبهة وأنت تعلم جيدا أيهما أخطر)
أما اليوم فإن الترابي فقدَ الكثير من بريقه السياسي الذي اكتسب به أنصارا وأتباعا في الماضي، ولم يعد ممن يخشى الناس لهبَه أو يرجون ذهبَه كما يقال.
فلست إذنْ بالذي تجمعه مع الترابي علائق شخصية أو سياسية تؤثر سلبا أو إيجابا على رأيي فيه وفيما يطرحه من آراء مثيرة، (ما يجمعك بالترابي هو الفكر وقل لي بربك ما الذي جمع بين ابن عربي وفرعون حتى يدافع عنه ويثبت له الإيمان وينفي عنه الكفر لا (علائق شخصية أو سياسية تؤثر سلبا أو إيجابا على رأييه فيه وفيما يطرحه من آراء مثيرة) ولكن كما يقال الكفر ملة واحدة)
وإنما أنا طالب علم أهتم بتجارب الحركات الإسلامية وفكر قادتها وعلمائها، وقد دفعني البحث في تجربة الحركة الإسلامية في السودان إلى تتبع فقه الترابي عن كثَب، والبحث في سياق أقواله ضمن رؤيته الفكرية العامة.
فهدف هذه الملاحظات حصرا هو:
1. دفع داء التكفير والتشهير الذي يستسهله البعض اليوم (قد سبق التعليق على مثل هذه الفقرة وبيان ما فيها من الباطل)،
2. والحث على أخذ المسائل الشرعية بمأخذ الجد دون تعجل، والعودة إلى منهج العلم والعدل وحسن الظن بأهل العلم، مهما أغربوا أو خالفوا المتعارف عليه من النقول والفهوم، كما أوصى فقيه الأندلس أبي بكر بن عاصم في "مرتقى الوصول":
وواجبٌ في مشكلات الحكمِ ... تحسيننا الظن بأهل العلمِ
(أقول هذا الكلام في الجملة صحيح وإنما أخطأ الشنقيطي في تنزيله على شذوذات الترابي وبيان ذلك:
1. (أخذ المسائل الشرعية بمأخذ الجد) هذا ما صنعه الرادون على الترابي، بينما يصدق في الترابي قوله تعالى (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ) (لأعراف:51) فالتبرج جائز ومصافحة الأجنبية والغناء والتمثيل المختلط والاختلاط في شتى جوانب الحياة ورد الحديث إذا خالف عقل الترابي وعدم تكفير من نسبوا إلى الله الولد وحرفوا وبدلوا كتب الله وكفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا والله هو اللهو واللعب وعدم أخذ المسائل الشرعية بمأخذ الجد
2. (دون تعجل) قد سبق التعليق على مسألة الاستعجال فلا حاجة للإعادة.
¥