تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال آخرون من أصحاب أحمد وغيرهم بل الجهمية داخلون في الإثنتين والسبعين فرقة وجعلوا أصول البدع خمسة فعلى قول هؤلاء يكون كل طائفة من المبتدعة الخمسة اثنا عشر فرقة وعلى قول الأولين يكون كل طائفة من المبتدعة الأربعة ثمانية عشر فرقة

وهذا يبني على أصل آخر وهو تكفير أهل البدع فمن أخرج الجهمية منهم لم يكفرهم فإنه لا يكفر سائر أهل البدع بل يجعلهم من أهل الوعيد بمنزلة الفساق والعصاة ويجعل قوله هم في النار مثل ما جاء في سائر الذنوب مثل أكل مال اليتيم وغيره كما قال تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا

ومن أدخلهم فيهم فهم على قولين

منهم من يكفرهم كلهم وهذا إنما قاله بعض المستأخرين المنتسبين إلى الأئمة أو المتكلمين

وأما السلف والأئمة فلم يتنازعوا في عدم تكفير المرجئة والشيعة المفضلة ونحو ذلك ولم تختلف نصوص أحمد في أنه لا يكفر هؤلاء وإن كان من أصحابه من حكى في تكفير جميع أهل البدع من هؤلاء وغيرهم خلافا عنه أو في مذهبه حتى أطلق بعضهم تخليد هؤلاء وغيرهم وهذا غلط على مذهبه وعلى الشريعة

ومنهم من لم يكفر أحدا من هؤلاء إلحاقا لأهل البدع بأهل المعاصي قالوا فكما أن من أصول أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون أحدا بذنب فكذلك لا يكفرون أحدا ببدعة

والمأثور عن السلف والأئمة إطلاق أقوال بتكفير الجهمية المحضة الذين ينكرون الصفات وحقيقية قولهم أن الله لا يتكلم ولا يرى ولا يباين الخلق ولا له علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة بل القرآن مخلوق وأهل الجنة لا يرونه كما لا يراه أهل النار وأمثال هذه المقالات

وأما الخوارج والروافض ففي تكفيرهم نزاع وتردد عن أحمد وغيره

وأما القدرية الذين ينفون الكتابة والعلم فكفروهم ولم يكفروا من أثبت العلم ولم يثبت خلق الأفعال

وفصل الخطاب في هذا الباب بذكر أصلين أحدهما أن يعلم أن الكافر في نفس الأمر من أهل الصلاة لا يكون إلا منافقا فإن الله منذ بعث محمدا وأنزل عليه القرآن وهاجر إلى المدينة صار الناس ثلاثة أصناف مؤمن به وكافر به مظهر الكفر ومنافق مستخف بالكفر ولهذا ذكر الله هذه الأصناف الثلاثة في أول سورة البقرة ذكر أربع آيات في نعت المؤمنين وآيتين في الكفار وبضع عشر آية في المنافقين

وقد ذكر الله الكفار والمنافقين في غير موضع من القرآن كقوله ولا تطع الكافرين والمنافقين وقوله إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا وقوله فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا وعطفهم على الكفار ليميزهم عنهم بإظهار الإسلام وإلا فهم في الباطن شر من الكفار كما قال تعالى إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وكما قال ولا تصل على احد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وكما قال قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون

وإذا كان كذلك فأهل البدع فيهم المنافق الزنديق فهذا كافر ويكثر مثل هذا في الرافضة والجهمية فإن رؤساءهم كانوا منافقين زنادقة وأول من ابتدع الرفض كان منافقا وكذلك التجهم فإن أصله زندقة ونفاق ولهذا كان الزنادقة المنافقون من القرامطة الباطنية المتفلسفة وأمثالهم يميلون إلى الرافضة والجهمية لقربهم منهم

ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان باطنا وظاهرا لكن فيه جهل وظلم حتى أخطأ ما أخطأ من السنة فهذا ليس بكافر ولا منافق ثم قد يكون منه عدوان وظلم يكون به فاسقا أو عاصيا وقد يكون مخطئا متأولا مغفورا له خطأه وقد يكون مع ذلك معه من الإيمان والتقوى ما يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه فهذا أحد الأصلين

والأصل الثاني أن المقالة تكون كفرا كجحد وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتحليل الزنا والخمر والميسر ونكاح ذوات المحارم ثم القائل بها قد يكون بحيث لم يبلغه الخطاب وكذا لا يكفر به جاحده كمن هو حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه شرائع الإسلام فهذا لا يحكم بكفره بجحد شيء مما أنزل على الرسول إذا لم يعلم أنه أنزل على الرسول .... ) اهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير