تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالذي يدعي أن الترابي بهذا يبيح الردة، كالذي يدعي أن القرآن يبيح الردة بقوله تعالى: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" [23] وما أفدحه من خطإ وأعرجَه من فهم!! (أقول فيك أيها المحامي ماقلته أنت في غيرك (ما أفدحه من خطإ وأعرجَه من فهم!!) أين أنت من سياق الآية (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا (29)) الآية في سياق التهديد والوعيد والإنذار والإعذار والمفاصلة ثم هي في سورة الكهف وهي مكية وفي الناسخ والمنسوخ لابن حزم [جزء 1 - صفحة 44] قال:وقد أجمع المفسرون على أن لا منسوخ فيها إلا السدي وقتادة فإنهما قالا فيها آية واحدة وهي قوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الآية 29) اهـ. وفي الناسخ والمنسوخ للمقري [جزء 1 - صفحة 117] قال سورة الكهف نزلت بمكة بإجماعهم وأجمع أهل العلم أن ليس فيها منسوخ إلا السدي فإنه قال فيها آية منسوخة وهي قوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لأن عنده هذا تخيير وعند الجماعة هذا تهديد ووعيد نسختها عنده هذه الآية وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) اهـ.

فآية هذا سياقها كيف يقاس بها كلام الترابي الذي خرج مخرج المصالحة والمعاشة والتسويغ والتجويز (سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) (النور: من الآية16)

أرأيت أخي كيف عاد قول المحامي (ما أفدحه من خطإ وأعرجَه من فهم!!) عليه ولذلك قيل كما في مجمع الحكم والأمثال [جزء 1 - صفحة] للمنتصر بن بلال:

- لن يسمعَ الأحمقُ من واعظٍ ... في رفعهِ الصوتَ وفي همسهِ

- لن تبلغَ الأعداءُ من جاهلٍ ... ما يبلغ الجاهل من نفسهِ

- والحمقُ داءٌ ماله حيلةٌ ... تُرجى كعبد النجمِ في لمسهِ

وفي إطار التحامل وسوء الفهم يأتي اتهامهم للترابي بإباحة الخمر، وهو لم يبح الخمر قط (إنما قال بعض الرادين ومنهم محمود الطحان أنه قال: ليس على شارب الخمر حد معين، وإنما عليه تعزير يعود لرأي الإمام. ولم أجد في نظرات الخراشي – التي جمع فيها أكثر من كتب في الرد على ضلالات الترابي- من نسب إليه القول بإباحة الخمر فانسب هذا القول إلى قائله لنرى من أين أخذه، وإن كنت لا أستبعد على رجل جوز للمسلم أن يبدل دينه أن يجوز له شرب الخمر بل تجويز الأخير أسهل

إلا أن الحكم على الآخرين لا مدخل لهذا الاعتبار فيه والله أعلم

، بل جاهد عقودا من الزمن لمحو الخمر من المجتمع السوداني المسلم (أقول إن صح حصول هذا الجهاد من الترابي فينبغي النظر إلى الدافع على ذلك الجهاد ومن خلال معرفة حقيقة دعوة الترابي يتبين أن دافع ذلك الجهاد _ إن وجد- لا يختلف كثيرا عن دافع العديد من المنظمات والدول الغربية التي سنت القوانين والعقوبات في سبيل الحد من تناول الخمر أو منعه) وذلك لأن العديد من القضايا التي كان الترابي ينادي بها يعللها بأن الغرب فعل أو قال وذلك لأنه كما قيل في ترجمته (أجاد الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وحصَّل صنوفا شتى من المعارف والثقافات الغربية) وكما ذكر عنه محاميه (من كتاب الإسلام المتضلعين بالثقافة الغربية) فهذا هو الذي حملني على قول ما قلت ولولا ذلك لكان حسن الظن أولى ولكن حسن الظن في مثل هذه الحالة سطحية مقيتة وغفلة ماحقة سقط بسببها من سقط في هوة التناقض وسحيق المكابرة والله المستعان.

ومرد سوء الفهم هنا هو الخلط بين القانون الخلُقي والقانون الحقوقي في الإسلام مرة أخرى. وهو لبس حاول الترابي في كثير من كتاباته إزالته، وبين أن تعاليم الإسلام أوسع كثيرا من أحكام الشريعة بالمعنى القانوني، فهي تشمل سلطة الضمير، وسلطة المجتمع، وسلطة القانون، أو بحسب تعبيره: "الوجداني الخاص للفرد، والاجتماعي الأخلاقي للمجتمع، والقطعي السلطاني للشريعة" [25]. (أقول هذه فلسفة غير مأمونة والكلام عليها قد يطول وهي تشبه مسألة نفي التلازم بين الشريعة والعقيدة وقد سبقت وهنا يحضرني قول الشاعر

أرى خلل الرماد وميض جمر ... خليق أن يكون له ضرام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير