وَسَطاً [[البقرة: 143] قال (والوسط العدل) [10].
2 - بيان حكم فقهي في الآية:
قد يرد الحكم في آية مطلقا فيذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- مزيد بيان
له، وذلك إما بتحديد مقدار الحكم الفقهي، أو تخصيص اللفظ العام أو غير ذلك.
ومن تحديد المقدار: مارواه البخاري في تفسير قوله (تعالى):] فَمَن كَانَ
مِنكُم مَّرِيضاً أََوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّاًسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أوْ صَدَقَةٍ أََوْ نُسُكٍ [
[البقرة: 196] عن كعب بن عجرة قال: حملت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ماكنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا، أما تجد شاه؟
قلت: لا
قال: صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع من
طعام واحلق رأسك) فنزلت فيّ خاصة، وهي لكم عامة [11].
فأنت ترى أن البيان القرآني لم يحدد المقدار في الفدية، فلما فسر الرسول -
صلى الله عليه وسلم- فسرها بالمقدار، وأنت تعلم أن هذا أحد أنواع بيان السنة
للقرآن.
ومن تخصيص العام في الحكم الفقهي، مارواه مسلم عن أنس قال: كانت
اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب
النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله (عز وجل)] َيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ
هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ [[البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال
رسول الله: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) [12].
فلو أُخذ بظاهر العموم في قوله (فاعتزلوا) لفهم أن اعتزال المرأة عام: في
مؤاكلتها ومشاربتها ومخالطتها ومجامعتها، فكان هذا البيان النبوي مخصصا لذلك
العموم القرآني.
3 - بيان المشكل:
إنما يعرف المشكل بسؤال الصحابة عنه؛ لأن السؤال لايقع إلا بعد استشكال
في الغالب ومن أمثلة ماسأل عنه الصحابة: حياة الشهداء.
قال مسروق: سألنا عبد الله عن هذه الآية:] َولا تَحْسَبَنَّ الَذِينَ قُتِلُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [[آل عمران: 169] فقال: أما إنا
قد سألنا عن ذلك، فأخبرنا أن أرواحهم في جوف طير خضرٍ، لها قناديل معلقة
بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل .. )
الحديث [13].
وعن المغيرة بن شعبة (رضى الله عنه) قال: لما قدمتُ نجران سألوني: إنكم
تقرؤون:] ياأخت هارون [[مريم: 28] وموسى قبل عيسى بكذا وكذا.
فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سألته عن ذلك فقال: إنهم
كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم) [14].
4 - ذكر مصداق كلامه من القرآن:
ورد في تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة يذكر فيها مصداق
كلامه من القرآن، وتأتي عبارات: (ثم قرأ) (اقرؤا إن شئتم) (مصداق ذلك من
كتاب الله)، ومن ذلك مارواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله-صلى
الله عليه وسلم-: (من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه
غضبان، وقال عبد الله: ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصداق ذلك
من كتاب الله جل ذكره:] إنَّ الَذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا
خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ .. [[آل عمران: 77] [15].
5 - بيان مبهم:
القاعدة الغالبة أن ما أبهمه القرآن فلا فائدة عملية تنال من ذكره، ومع ذلك
فإنه ورد سؤال الصحابة عن ذلك، إلا أنه نادر، ومن ذلك ما رواه مسلم عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن، قال: مرّ بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، قال:
قلت له: كيف سمعت أباك يذكر المسجد الذي أسس على التقوى؟.
قال: قال أبي: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت
بعض نسائه، فقلت: يارسول الله، أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟
قال: فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا؛
لمسجد المدينة.
قال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره) [16].
أخيراً ..
هذه بعض الأمثلة للتفسير النبوي، والموضوع يحتاج إلى جمع وتأمل لتحديد
نوع المثال، مما يفيد في معرفة ماكان يحتاجه الصحابة من البيان النبوي للقرآن،
ولعل أقرب ما يذكر هنا هو ندرة ماورد عنه من بيان معنى غريب القرآن؛ مما
¥