ولعلك أدركت مما سبق: أن أن مقولة أصحاب "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة 1/ 81": إن الزيدية أقرب فرق إلى أهل السنة، ليس مدحًا للزيدية؛ لأن الجارودية إن لم تكن أشرَّ من الرافضة، فهي مثلهم، أو يعتذر عنهم بأن يكون المعنى، كما يقال: الشمس أقرب نجم إلى الأرض، وهي تبعد عن الأرض 93 مليون ميلٍ، أو كما يقول علماء الجرح والتعديل: هذا الحديث، أصح ما في الباب، وهو في نفسه منكر؛ لأن جميع ما في الباب من الموضوعات.
وتصحيح العبارة أن نقول كما قال أبو محمد بن حزم في "الفصل في الملل والنحل" (ج 2 / ص 89): "وأقربُ مذاهبِ الشيعةِ إلى أهلِ السنةِ، المنتمون إلى أصحابِ الحسن بن صالح بن حيّ الهمذاني الفقيه، القائلون بأن الإمامة في ولد علي - رضي الله عنه - والثابت عن الحسن بن صالح - رحمه الله - أن الإمامة في جميع قريش، وتولِّي جميع الصحابة - رضي الله عنهم - إلا أنه كان يفضل عليًّا على جميعهم". اهـ مختصرًا.
وليس للحسن بن صالح بن حيّ الهمذاني – فيما نعلم – أتباع من عصور متباعدة، إلى يوم الناس هذا، وأن زيدية اليوم، جارودية، حوثية، ضُلَّال، خُلَّص.
هذا؛ وقد أسست الزيديةُ دولةً شيعيةً في اليمن، فخرجت على الدولة العثمانية في عام 1322هـ، مع إمامهم: يحيى بنِ منصور بنِ حميد الدين، واستمرت دولتهم حتى عام 1382هـ، إلا أنهم لا زالوا في اليمن؛ إذ يمثلون ربع السكان تقريبا.
http://www.alukah.net/articles/1/9080.aspx
دحض مقولة إن الزيدية أقرب طوائف الشيعة لأهل السنة (2)
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
بينّا في المقال السابق خطأَ إطلاق القول بأن الزيديةَ أقربُ لأهل السنة، ثم ذكرنا توجيهَ تلك المقولةِ، وأنها قيلت في أحد فرق الزيدية، وهي الصالحيةُ (الزيدية المفضِّلة) - على ما في هذه الفرقة من ضلال - كما قال سفيان الثوري: "من فضل عليًّا على أبي بكر، وعمر، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار؛ وما أرى يصعدُ له إلى الله عمل مع ذلك"، وقال أيوب السِّخْتِيَاني: "من قدم عليًّا على عثمان، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار".
قال شيخ الإسلام - في "مجموع الفتاوى" (ج 4 / ص 428) -:
" ... وهذا إجماع منهم على تقديم عثمان على علي؛ فلهذا قال أيوب، وأحمد بن حنبل، والدارقطني: "من قدم عليًّا على عثمان، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار"؛ فإنه وإن لم يكن عثمان أحقَّ بالتقديم وقد قدموه كانوا إما جاهلين بفضله، وإما ظالمين بتقديم المفضول من غير ترجيح ديني.
ومن نسبهم إلى الجهل، والظلم، فقد أزرى بهم. ولو زعم زاعم، أنهم قدموا عثمان؛ لضَغَن كان في نفس بعضهم على علِيٍّ، وأن أهل الضَغَن كانوا ذوي شوكة، ونحو ذلك، مما يقوله أهل الأهواء - فقد نسبهم إلى العجز عن القيام بالحق، وظهورِ أهلِ الباطل منهم على أهل الحق، هذا وهْم في أعز ما كانوا، وأقوى ما كانوا. فإنه حين مات عمر، كان الإسلام: من القوة، والعز، والظهور، والاجتماع، والائتلاف، فيما لم يصيروا في مثله قط.
وكان عمر أعزَّ أهلَ الإيمانِ، وأذلَّ أهلَ الكفرِ والنفاقِ، إلى حد بلغ في القوةِ، والظهورِ مبلغًا لا يخفى على من له أدنى معرفةٍ بالأمور.
فمن جعلهم في مثل هذه الحال جاهلين، أو ظالمين، أو عاجزين عن الحق فقد أزرى بهم، وجعل خيرَ أمةٍ أُخْرجت للناس على خلافِ ما شَهِد اللهُ به لهم.
وهذا هو أصل مذهب "الرافضة"؛ فإنه يكونُ الرجل واقفًا، ثم يصيرُ مفضِّلًا، ثم يصير سبَّابًا، ثم يصيرُ غاليًا، ثم يصيرُ جاحدًا معطلًا.
فإن القدْحَ في خير القرون الذين صحبوا الرسولَ، قدْحٌ في الرسول - عليه السلامُ - كما قال مالكٌ وغيره من أئمة العلم.
هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما طعنوا في أصحابه؛ ليقول القائل: رجلُ سوءٍ كان له أصحابُ سوءٍ؛ ولو كان رجلًا صالحًا، لكان أصحابه صالحين". اهـ. موضع الحجة منه مختصرًا.
وقد أشرنا - فيما سبق – إلى الارتباط الوثيق بين الشيعة الزيدية المعتزلة، وأن الزيدية يقولون بعقائدهم الباطلة، فيما يتعلق بذات الله – تعالى - والقدر، وتخليد مرتكب الكبيرة في النار، وغيرها ذلك من العقائد المرذولة.
¥