تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذَوِي الْأَلْبَابِ. لِيَكُونَ إيمَانُهُمْ بِذَلِكَ وَمَعْرِفَتُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا يَعْقِلُ أَحَدٌ مُنْتَهَاهُ وَلَا مُنْتَهَى صِفَاتِهِ , وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ أَنْ يُثْبِتَ مَعْرِفَةَ صِفَاتِ اللَّهِ بِالْإِتْبَاعِ وَالِاسْتِسْلَامِ كَمَا جَاءَ , فَمَنْ جَهِلَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنَّمَا أَصِفُ مَا قَالَ اللَّهُ وَلَا أَدْرِي مَا مَعَانِي ذَلِكَ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ يَدٌ نِعْمَةٌ وَيَحْتَجْ بِقَوْلِهِ أَيْدِينَا أَنْعَامًا وَنَحْوَ ذَلِكَ , فَقَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ. هَذَا مَحْضُ كَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ حَيْثُ يُؤْمِنُونَ بِجَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ , ثُمَّ يُحَرِّفُونَ مَعْنَى الصِّفَاتِ عَنْ جِهَتِهَا الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ , حَتَّى يَقُولُوا مَعْنَى السَّمِيعِ هُوَ الْبَصِيرُ وَمَعْنَى الْبَصِيرِ هُوَ السَّمِيعُ , وَيَجْعَلُونَ الْيَدَ يَدَ نِعْمَةٍ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ يُحَرِّفُونَهَا عَنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُعَطِّلَةُ.

ساقه بحروفه من كتاب السنة لأبي الشيخ الأصبهاني شيخُ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى له

ونقل طرفا منه موافقا ما نقله شيخ الإسلام الإمام أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الكرجي فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ " الْفُصُولُ فِي الْأُصُولِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْفُحُولِ إلْزَامًا لِذَوِي الْبِدَعِ وَالْفُضُولِ " وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ – وهو في مجموع الفتاوى

فقول إسحاق: " فَإِنَّمَا فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى إرَادَةِ اللَّهِ " ثم ذكر النصوص المشتملة على الصفات الخبرية محل النزاع.

فيه أن النبي كان يعلم تفسير معاني هذه النصوص وغيرها كما توضحه الأمثلة بل فيه أن ما ذكره صلى الله عليه وسلم أراد به تفسيرها كما هو صريح قوله (فسر)

فالمعاني مرادة وإلا لما كان تفسيرا

وقوله: " لَا نُزِيلُ صِفَةً مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَ الرَّسُولُ عَنْ جِهَتِهِ لَا بِكَلَامٍ وَلَا بِإِرَادَةٍ , وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ الْأَدَاءُ "

فيه أن هذه النصوص لها جهة لا تصرف عنها وهي ظاهرها

(لا بكلام) كالتأويل (ولا بإرادةٍ) لترك هذا الظاهر ولو دون كلام كما هو التفويض

بل لابد من أداء هذه الجهة لزوما وهي الظاهر

وقوله: " وَلَا يَعْقِلُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ تِلْكَ الصِّفَاتِ إلَّا بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي عَرَّفَهُمْ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى "

فيه أن هذه الصفات تعقل معانيها وتفهم عن طريق أسماء هذه الصفات والتي هي ألفاظها اتفاقا

وقوله: " فَأَمَّا أَنْ يُدْرِكَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ مَعْنَى تِلْكَ الصِّفَاتِ فَلَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ. "

فيه أن هناك معنى لا يمكن أن يدركه أحد من بني آدم والذي عبر عنه بعدها (بمنتهى الصفة) وهو المعنى المفصل لحقيقة الصفة المعروف بالكيفية وهو ما لم توضحه النصوص

أما ما تدركه عقول ذوي الألباب من أصل المعنى فهو الذي وصف في النصوص وقوله في هذا واضح: " وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ "

تأمل فصفاته لها قدر تدركه العقول وهو أصل المعنى وقال " وصف من صفاته " ولم يقل ذكر ليبين أن أصل المعنى مراد

ويؤكده أنه علل إيراد نصوص الصفات بما يدل على أنها معروفة المعاني في الجملة لا على أنها بمنزلة المتشابه وذلك ببيان أنها سيقت لتُوصل تلك العقول إلى معرفة الموصوف عن طريق هذه الصفات ولتحصيل الإيمان لها وهذا ينافي كونها للاختبار قصدا كما هو شأن المتشابه

ثم تخصيصه لمنتهى الصفة بأنه لا يعقل أكّد أن أول الصفة وهو أصل معناها مما يعقل ويعلم

ثم قطع الإمام إسحاق الطريق على المفوضة بإنكاره على من يزعم جهل المعنى ويدعي الاقرار بالصفة ولا يدري المعنى بل اعتبره سالكا بذلك طريق التجهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير