قيل لهم: قد أجمعوا على بطلان قول من أثبت لله أيدي فلما أجمعوا على بطلان قول من قال ذلك وجب أن يكون الله تعالى (1/ 138) ذكر أيدي ورجع إلى إثبات يدين لأن الدليل عنده دل على صحة الإجماع وإذا كان الإجماع صحيحا وجب أن يرجع من قوله أيدي إلى يدين لأن القرآن على ظاهره ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة فوجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجة "
وقال:
" فإن قال قائل: إذا ذكر الله عز و جل الأيدي وأراد يدين فما أنكرتم أن يذكر الأيدي ويريد يدا واحدة؟
قيل له: ذكر تعالى أيدي وأراد يدين لأنهم أجمعوا على بطلان قول من قال أيدي كثيرة وقول من قال يدا واحدة فقلنا يدان لأن القرآن على ظاهره إلا أن تقوم حجة بأن يكون على خلاف الظاهر ..
فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون قوله تعالى: (مما عملت أيدينا) من الآية (71/ 36) وقوله تعالى: (لما خلقت بيدي) من الآية (75/ 38) على المجاز؟
قيل له: حكم كلام الله تعالى أن يكون على ظاهره وحقيقته ولا يخرج الشيء عن ظاهره إلى المجاز إلا بحجة ألا ترون أنه إذا كان ظاهر الكلام العموم فإذا ورد بلفظ العموم والمراد به الخصوص فليس هو على حقيقة الظاهر وليس يجوز أن يعدل بما ظاهره العموم عن العموم بغير حجة كذلك قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) من الآية (75/ 38) (1/ 140) على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة
ولو جاز ذلك لجاز لمدع أن يدعي أن ما ظاهره العموم فهو على الخصوص وما ظاهره الخصوص فهو على العموم بغير حجة وإذا لم يجز هذا لمدعيه بغير برهان لم يجز لكم ما ادعيتموه أنه مجاز أن يكون مجازا بغير حجة بل واجب أن يكون قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) من الآية (75/ 38) إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين إذا كانت النعمتان لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول قائلهم: فعلت بيدي وهو يعني النعمتين (1/ 141) ...
ويقال لهم: أليس إذا لعن الله الكافرين فلعنه لهم معنى ولعن النبي صلى الله عليه و سلم لهم معنى؟
فمن قولهم نعم
فيقال لهم: فما أنكرتم من أن الله تعالى إذا علم نبيه صلى الله عليه و سلم شيئا فكان للنبي صلى الله عليه و سلم علم ولله تعالى علم وإذا كنا متى أثبتناه غضبانا على الكافرين فلا بد من إثبات غضب وكذلك إذا أثبتناه راضيا عن المؤمنين فلا بد من إثبات رضى وكذلك إذا أثبتناه حيا سميعا بصيرا فلا بد من إثبات حياة وسمع وبصر .. " ا. هـ
لا يرتاب من جُنّب الريب في قلبه أن منطوق كلام الإمام الأشعري وصريح كلامه دال على المراد وأن الأشعري يرى أن صفة خبرية كاليد إنما خاطب فيها الله العرب بخطاب مفهوم ومعقول ليعرفوا المعنى وهو مقصود بالخطاب في مثل صفة اليد وأنه خطاب على ظاهره وعلى حقيقته فهما يدان حقيقيتان
ولأن الإمام الأشعري نحى في كلامه هنا منحى التأصيل لأمثال هذه الصفة حتى كان كلامه كالقاعدة للصفات الخبرية وغيرها لأجل هذا سقت كلامه هنا في هذا الباب ولم أرجئه إلى باب تطبيقات السلف والأئمة
وكلامه منقول من كتابه الإبانة الذي قال عنه الإمام ابن رجب في الفتح:
" وهو من أجل كتبه، وعليه يعتمد العلماء وينقلون منه، كالبيهقي وأبي عثمان الصابوني وأبي القاسم ابن عساكر وغيرهم.
وقد شرحه القاضي أبو بكر ابن الباقلاني " ا. هـ
ـ الإمام الحافظ أبو عبد الله أبو عبد الله، محمد بن إسحاق ابن مندة ت 395 هـ
قال في كتابه التوحيد ج3/ 7:
" إن الأخبار في صفات الله جاءت متواترة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم موافقة لكتاب الله عز وجل نقلها الخلف عن السلف قرناً بعد قرن، من لدن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا على سبيل إثبات الصفات والمعرفة والإيمان به والتسليم ... وكان ذلك مفهوماً عند العرب غير محتاج إلى تأويلها " ا. هـ
دون تعليق، وهذا من غير تطبيقاته
ـ الحافظ الإمام أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله الأندلسي الطلمنكي المالكي ت 429 هـ
ففي كتاب الوصول إلى معرفة الأصول قال رحمه الله:
¥