ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات وجل الله عز و جل عن أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم ... ا. هـ
ثم ذكر الاستواء لغة وأطال فيه
ما أظن أن هذا الكلام منه يحتاج إلى شرح وله تطبيقات تؤكد هذا ستأتي
ـ الخليفة القادر بالله أبو العباس احمد بن إسحاق بن المقتدر 422 هـ
له معتقد مشهور قرىء ببغداد بمشهد من علمائها وأئمتها وأنه قول أهل السنة والجماعة وأقره العلماء من أهل السنة في وقته
من ذلك
" وأنه خلق العرش لا لحاجة واستوى عليه كيف شاء وأراد لا استقرار راحة ... وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز ... " ا. هـ
وحمل الصفة على حقيقتها يعني على مفهومها الظاهر فهي عبارة تنقض التفويض من أساسه
ـ الإمام إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني الشافعي 537 هـ
قال في كتابه الحجة في بيان المحجة ج1/ص183:
" باب: قال علماء السلف:
جاءت الأخبار عن النبي متواترة في صفات الله تعالى موافقة لكتاب الله تعالى نقلها السلف على سبيل الإثبات والمعرفة والإيمان به والتسليم وترك التمثيل والتكييف وأنه عز وجل أزلي بصفاته وأسمائه التي وصف بها نفسه أو وصفه الرسول الحجة في بيان مدحه بذلك وصدق به المصطفى وبين مراد الله فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته وكان ذلك مفهوما عند العرب غير محتاج إلى تأويله " ا. هـ
وقال وقد سئل عن صفات الرب؟ فقال:
" مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد ابن سلمة وحماد بن زيد وأحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهويه أن صفات الله التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله من السمع والبصر والوجه واليدين وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهم فيها ولا تشبيه ولا تأويل، قال ابن عيينة كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره
ثم قال: أي هو هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل " ا. هـ
وقال:
" دليل آخر، أن من حمل اللفظ على ظاهره، وعلى مقتضى اللغة حمله على حقيقته، ومن تأوله عدل به عن الحقيقة إلى المجاز، ولا يجوز إضافة المجاز إلى صفات الله وتعالى " ا. هـ
وكتابه مليء بإثبات معاني الصفات وكلامه أوضح من أن يوضح
ـ الحافظ الإمام أبو أحمد محمد بن علي بن محمد الكرخي القصاب ت بعد 360 هـ
قال رحمه الله:
" كل صفة وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله فليست صفة مجاز ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها ولقيل: معنى البصر كذا ومعنى السمع كذا ولفسرت بغير السابق إلى الأفهام فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل علم أنها غير محمولة على المجاز وإنما هي حق بين "
عن تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 939 السير له 16/ 213 - 214
فالسابق إلى الأفهام من الصفات حقيقة لا مجازا هو الذي يصار إليه مع كل الصفات
وهذا صريح كلامه
ـ شمس الأئمة أبو العباس السرخسي الحنفي:
قال رحمه الله:
" وأهل السنة والجماعة، أثبتوا ما هو الأصل، معلوم المعنى بالنص أي بالآيات القطعية والدلالات اليقينية وتوقفوا فيما هو متشابه وهو الكيفية، ولم يجوزا الاشتغال في طلب ذلك " ا. هـ
(عن شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص 93)
وهذا إن لم يمثل منه مذهبه الثابت فلا أقل أن يكون من باب الاعتراف فإني لم أقف على كلام آخر له
ـ الإمام أبو القاسم عبد اللّه بن خلف المقرىء الأندلسي
قال في الجزء الأول من كتاب " الاهتداء لأهل الحق والاقتداء "
شرح الملخص للشيخ أبي الحسن القابسي:
" ... عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي عبد اللّه الأغر، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: " ينْزِلُ ربُّنا كلَّ ليلة إلى سماء الدُنيا حين يبقى ثُلُثُ الليل الآخر فيقول: من يدعُوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له ".
في هذا الحديث دليل على أنه تعالى في السماء على العرش فوق سبع سموات من غير مماسة ولا تكييف، كما قال أهل العلم، ودليل قولهم أيضَاً من القرآن قوله تعالى: " الرَّحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوَى "
¥