وقوله تعالى: " ثمَّ اسْتَوى عَلى العَرْش ما لَكُم مِن دُونهِ مِن وليٍّ وَلا شَفِيع " وقوله تعالى: " إذاً لابْتَغوْا إلى ذي العَرْش سَبيلاً " وقوله تعالى: " يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السّماءِ إلى الأرْضِ "
وقوله تعالى: " تَعْرُجُ الملائكَةُ والرُّوحُ إليه "
وقوله تعالى لعيسى عليه الصلاة والسلام: " إنِّي مُتَوفِّيكَ ورافِعُكَ إليَّ " وقوله تعالى: " لَيْسَ لَهُ دافِعٌ، مِنَ اللَّهِ ذي المَعارج، تَعرُجُ الملائِكَةُ والرّوحُ إليهِ " والعروج: هو الصعود.
وقال مالك بن أنس: اللّه عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان.
يريد واللّه يعلم بقوله في السماء: على السماء، كما قال تعالى: " ولأصَلِّبنَّكُم في جُذوع النّخْلِ "
وكمَا قال تعالى: آمنتم من في السماء " أي من على السماء يعني على العرش.
وكما قال تعالى: " فَسِيحُوا في الأرضِ " أي على الأرض، وقيل لمالك: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال مالك رحمه اللّه تعالى لقائله: استواؤه معقول وكيفيته مجهولة وسؤالك عن هذا بدعة وأراك رجل سوء.
قال أبو عبيدة في قوله تعالى: " الرحمن على العرش استوى ": أي علا.
قال: وتقول العرب استويت فوق الدابة وفوق البيت. وكل ما قدمت دليل واضح في إبطال قول من قال المجاز فيِ الاستواء، وإن استوى بمعنى استولى لأن الاستيلاء في اللغة المغالبة، وأنه لا يغالبه أحد ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته، حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا سبحانه وتعالى إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله تعالى على الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع ذلك ما يوجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدعٍ ما ثبت شيء من العبادات، وجَلَّ اللَّهُ تعالى أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين. والاستواء معلوم في اللغة، وهو العلو والارتفاع والتمكن ا. هـ
وهذا نقله عنه ابن عبد البر بتصرف يسير
ـ الحافظ عبد الغني المقدسي
قال الحافظ ابن رجب في ترجمة الحافظ عبد الغني:
وقرأت بخط الإِمام الحافظ الذهبي- رداً على ما نقل الإِجماع على تكفيره- أما قول "أجمعوا" فما أجمعوا، بل أفتى بذلك بعض أئمة الأشاعرة ممن كفروه، وكفرهم هو، ولم يبد من الرجل أكثر مما يقوله خلق من العلماء الحنابلة والمحدثين: من أن الصفات الثابت محمولة على الحقيقة، لا على المجاز، أعني أنها تجري على مواردها، لا يعبر عنها بعبارات أخرى، كما فعلته المعتزلة، أو المتأخرون من الأشعرية. هذا مع أن صفاته تعالى لا يماثلها شيء " ا. هـ
ـ الإمام العلامة أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ت 728 هـ
قال رحمه الله تعالى تعليقاً على كلام مالك في الاستواء:
" وهكذا سائر الأئمة قولهم يوافق قول مالك في أنا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته، ولكن نعلم المعنى الذي دل عليه الخطاب فنعلم معنى الاستواء ولا نعلم كيفيته، ونعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته، ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة ولا نعلم كيفية ذلك، ونعلم معنى الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك ا. هـ
وأقواله في هذا المعنى أكثر من أن يسعها هذا الموضع وإنما ذكرت كلامه هنا لتجرؤ من لا يستحي ممن حشر شيخ الإسلام في سلك المفوضة فسبحان الله كم بلغت الصفاقة ببعض الناس اليوم
ـ الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي ت 7
قال رحمه الله:
" وقد دل القرآن على ما دل عليه هذا الحديث في مواضع، كقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} [البقرة:210]. وقال: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام:
158]، وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ} [الفجر:22].
ولم يتأول الصحابة ولا التابعون شيئاً من ذلك، ولا أخرجوه عن مدلوله، بل روي عنهم ما يدل على تقريره والإيمان به وامراره كما جاء " ا. هـ
تأمل قوله في مقام الكلام عن الصفات الخبرية: " ولا أخرجوه عن مدلوله "
فهي ذات مدلول (مفهوم) والسلف يحملونها على هذا المدلول (المفهوم) اللغوي لا يخرجونها عنه
وقال منكرا عن الجهمية:
¥