ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أننا نبين في هذا المبحث ونذكر أي معنى لأي صفة خبرية يثبته إمام مما يمر بنا ولا نقتصر على ما يذكره الأئمة من معاني عامة للصفات، وإنما نذكر ولو بعضا من معنى الصفة لأنه يدل على أنها غير مجهولة المعنى وهذا كاف في نقض التفويض
ثم اقتصار الإمام على ذكر بعض معنى الصفة لا يعني أن هذا كل ما يثبته من معنى لها وإنما هذا الذي ذكره، وما يُذكر لا يعني بحال أنه كل ما يعلم وهذا باتفاق العقلاء.
ـ سعيد بن إياس الجريري
عن سلم بن جعفر البكراوي من ولد أبي بكرة قال ثنا سعيد الجريري قال ثنا سيف السدوسي قال سمعت عبدالله بن سلام قال إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم حتى يجلسه بين يديه
قال سلم: فقلت يا أبا مسعود (يعني الجريري) فإذا أجلسه بين يديه فهو معه!
قال: ويلك ما سمعت حديثا قط أقر لعيني من هذا الحديث حين علمت أنه يجلسه معه "
رواه الخلال وابن أبي عاصم وغيرهما من طرق عن سلم به
ـ أبو جعفر محمد بن الصلت
روى الترمذي الحديث المعروف: " مر يهودي بالنبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم يا يهودي حدثنا فقال كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه والأرض على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه "
ثم قال:
وأشار أبو جعفر محمد بن الصلت بخنصره أولا ثم تابع حتى بلغ الإبهام فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}
وهو صحيح عن أبي جعفر
وهذا من الإمام أبي جعفر تحقيق للصفة لأن المنطوق والمشار إليه هو مسمى الإصبع وهذا يساوي تحقيق الصفة كما سبق
ـ وائل بن داود
روى النجاد عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني محرز بن عون نا خلف بن خليفة عن وائل بن داود في قول الله عز و جل وكلم الله موسى تكليما قال مرارا "
وهو في السنة لعبد الله وفي موطن منه: " قال: مشافهة مرارا "
ورواه ابن أبي حاتم في التفسير من طريق خلف به باللفظ الأول
وقوله " مشافهة مرارا " هو من تفسير الصفة ومن إثبات معانيها بلا خلاف
بل قوله مرارا وحدها إثبات لمعنى تنكره الأشاعرة وهو قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى
ـ وكيع بن الجراح
قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه حدثنا وكيع عن إسرائيل بحديث إذا جلس الرب جل جلاله على الكرسي فاقشعر رجل عند وكيع فغضب وكيع وقال أدركنا الأعمش والثوري يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.
رواها أبو حاتم عن أحمد
أورده الذهبي العلو عن أبي حاتم، وهو أيضا في كتاب السنة لعبد الله
فتفسير الاستواء بالجلوس تفسير غير مستنكر لدى جماعة من السلف
وإن كنت لا أقول به لعدم اعتماده من كثير من علماء أهل السنة وعدم وروده عن أكثر السلف لكني أعذر من يقول به إذا كان ممن يتحرى مذهب
السلف، وهو على كل حال دال على أن السلف لا يمنعون من تفسير الصفات الخبرية
ـ زهير بن محمد
وروى ابن أبي حاتم في التفسير عن أبيه ثنا محمد بن الوزير الدمشقي ثنا الوليد سألت زهير بن محمد عن قول الله: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام)
قال: ظلل من الغمام منظوم بالياقوت مكلل بالجواهر والزبرجد " ا. هـ
وهذا تفسير مفصل لما تتعلق به الصفة دال على تحقيق أصل الصفة
ولو كان الله لا يجيء حقيقة كان بتفسيره كمن يرمم السقف بتقوية السقف نفسه حتى لا يقع دون التفات للأعمدة، فهو بهذا يعجل بهويه من حيث يريد حفظه!
ـ حماد ابن الإمام أبي حنيفة النعمان
ذكر الإمام أبو عثمان الصابوني في عقيدته قال:
" قرأت لأبي عبد الله ابن أبي البخاري وكان شيخ بخاري في عصره بلا مدافعة وأبو حفص كان من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني قال أبو عبد الله أعني ابن أبي حفص هذا سمعت عبد الله بن عثمان وهو عبدان شيخ مرو يقول سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول:
قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء أرأيتم قول الله عز و جل وجاء ربك والملك صفا صفا؟
قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك؟ ولا ندري كيفية مجيئه؟
فقلت لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم إن أنكر أن الملائكة تجيء صفاً صفاً ماهو عندكم؟
قالوا: كافر مكذب.
قلت: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب " ا. هـ
¥