تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقال [ابن المبارك]: أنا أشد الناس كراهة لذلك ولكن إذا نطق الكتاب بشيء قلنا به وإذا جاءت الآثار بشيء جسرنا عليه

وعند البيهقي من طريق محمد بن هارون الكرابيسي، يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن أبي حفص قال ـ قال الشيخ: يعني أباه ـ: قال أفلح بن محمد: قلت لعبد الله بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن، إني أكره الصفة ـ عنى صفة الرب تبارك وتعالى ـ. فقال له عبد الله: أنا أشد الناس كراهية لذلك، ولكن إذا نطق الكتاب بشيء جسرنا عليه، وإذا جاءت الأحاديث المستفيضة الظاهرة تكلمنا به.

قال البيهقي: قلت: وإنما أراد والله أعلم الأوصاف الخبرية، ثم تكلُّمهم بها على نحو ما ورد به الخبر لا يجاوزونه

وكما قال شيخ الإسلام:

" أَرَادَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَبْتَدِئَ بِوَصْفِ اللَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا حَتَّى يَجِيءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالْآثَارُ " ا. هـ

هذا الأثر يدل بوضوح على أن شأن أئمة السلف التشجع لشرح الصفات عند مجيء الآثار والتجاوب معها لأن من شأن الآثار توضيح النصوص وبيانها وتفسيرها لذلك وجدنا ابن المبارك فرق بين ما يأتي به الكتاب وبين ما تأتي به الآثار

فقوله عن الآثار " جسرنا " يعني أقدمنا وتشجعنا على الوصف

ولو كان مذهب السلف مجرد التفويض لكل ما يرد لما استقام كلام ابن المبارك مطلقا، لأنه يدل بوضوح على وجود مساحة عندهم من التعبير عن الصفات توجب في الأصل قلقا وخوفا من عدم الدقة في التعبير، فهذه المساحة تقِلّ مع النصوص لكثرة الإجمال فيها وتزداد مع الآثار لكثرة التبيين فيها

وقوله: " أكره الصفة " لايصح حمله على أنه يكره الصفات فهذا فسوق وكفر ينزه عنه أجهل المسلمين فكيف بمثل ابن المبارك

وإنما مراده أكره الوصف.

ولو كان مذهبه مجرد موافقة النصوص في اللفظ فقط شأن المفوضة لما كان هناك ما يدعوه لكراهة الوصف، فدل على أن مذهبه ليس كذلك.

ـ الإمام أحمد بن حنبل

قال القاضي أبو يعلى في كتاب إبطال التأويل:

" رأيت بخط أبي إسحاق حدثنا أبو بكر أحمد بن نصر الرفاء سمعت أبا بكر بن أبي داود سمعت أبي يقول جاء رجل إلى أحمد بن حنبل فقال لله تعالى حد فقال نعم لا يعلمه إلا هو قال الله تبارك وتعالى وترى الملائكة حافين من حول العرش يقول محدقين " ا. هـ

وقد سبق عن أحمد عدة روايات في إثبات الحد منه عند بيان تطبيق ابن المبارك ولا يقول منصف أن هذا ليس بمعنى مثبت، أو أنه لا يُبطِل التفويض البدعي.

وقال الخلال:

أنا يوسف بن موسى أن أبا عبد الله أحمد بن حنبل قيل له:

والله تبارك وتعالى فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان.

قال: نعم على عرشه لا يخلو شيء من علمه

وقال: أخبرني عبد الملك الميموني أنه سأل أبا عبد الله ما تقول فيمن قال إن الله ليس على العرش؟

قال: كلامهم كله يدور على الكفر

والله لا أدري من يقول هذا تفويض هل يدري أنه لا يدري!!

وقال أحمد في الرد على الجهمية وهو كتاب ثابت عنه جاء من ثلاثة طرق رواها الخلال ومن أخرى رابعة:

ـ رواه الخلال عن عبد الله بن أحمد وجادة ومن خطه عن نسخة أبيه من خطه به

فقد قال الخلال فيما نقله ابن القيم:

" كتبت هذا الكتاب من خط عبد الله وكتبه عبد الله من خط أبيه "

ـ ورواه الخلال عن خضر بن المثنى وهو مجهول (عندنا لا عند الخلال) عن عبد الله بن أحمد عن أبيه به.

ـ وطرفا منه الخلال عن المروذي عن نسخة أحمد بخط أحمد به

وثلاثتها يرويها الخلال بهذه الأسانيد.

ـ وقال القاضي أبي يعلي في كتابه "إبطال التأويل":

"قرأت في كتاب أبي جعفر محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل قال: قرأت على أبي صالح بن أحمد هذا الكتاب فقال: هذا الكتاب عمله أبي في مجلسه ردا على من احتج بظاهر القرآن.

وقد روى ابن أبي يعلى نفسه نسخة الخضر في الطبقات مما دل على موافقة مضمون هذا الكتاب لرواية خضر السابقة

ويكفي كون الكتاب من رواية الخلال فقد قال ابن الجوزي الذي هو أقرب إلى طريقة الأشاعرة قال عن الخلال بعد ذكر جملة من تلاميذ أحمد:

" وخلق سوى هؤلاء، سماهم الخلال في أصحاب أبي عبد الله.

نقلوا المسائل الكثيرة والقليلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير