تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- 8 – يتهجَّم على الذين يُثبِتون الصفات، ويقول: " إنهم يصوِّرون الله بصورة غريبة عجيبة، ويجعلون الله تعالى كأنه جسم مركَّب من أعضاء وحواس، له وجه ويدان وعينان، وله ساق وأصابع، وهو يمشي وينزل ويهرول، ويقولون في تقرير هذه الصفات: إن الله يجلس كما يجلس الواحد على السرير، وينزل كما ينزل أحدنا على الدرج؛ يريد أحدهم –بزعمه _ أن يقرر مذهب السلف الصالح للتلاميذ، ويثبت لهم حقيقة معنى الاستواء والنزول، وأنه جلوس حِسِّيّ، لا كما يتأوله المتأولون " انتهى كلامه.

- والجواب: إن لفظ الجسم والتركيب والأعضاء والحواس لم يرد في كتاب الله وسنة رسوله نفيه ولا إثباته، ونحن نثبت ما أثبته الله لنفسه، وننفي ما نفى عن نفسه، ونمسك عما عدا ذلك. أما الوجه واليدان والعينان والساق والأصابع والنزول؛ فهذه قد أثبتها الله لنفسه، وأثبتها له رسوله - صلى الله عليه وسلم - فنحن نثبتها كما جاءت.

وأما قولك: " ويقولون في تقرير هذه الصفات: إن الله يجلس كما يجلس الواحد على السرير، وينزل كما ينزل أحدنا الدرج "؛ فهذا من باب التشويه والإرجاف والتنفير، وإلا كان الواجب عليك – إذا كان هذا واقعًا – أن تبين: من هو قائله؟ وفي أي مدرسة أو جامعة؟ أو في أي كتاب قاله؟ حتى يمكن مناقشته وإيقافه عند حده. وما ذكرته من أنهم يقولون عن الاستواء والنزول: إنه جلوس حسيّ ونزول حسيّ؛ فالصواب أن يقال: استواء حقيقي ونزول حقيقي. هذا تعبير أهل السنة والجماعة، وهو على ما يليق بالله عز وجل، وليس من معاني الاستواء الجلوس عندهم؛ فإن معاني الاستواء عندهم هي: العلو، والاستقرار، والارتفاع، والصعود.

قال العلامة ابن القيم في النونية مبينًا معاني الاستواء عند السلف:

ولهم عبارات عليها أَربَع ** قد حَصَلت للفارس الطَّعَّان

وهي استقر وقد علا وكذلك ** ارتفع الذي ما فيه من نُكران

وكذاك قد صعد الذي هو رابع ** وأبو عبيدةَ صاحب الشيباني

يختار هذا القول في تفسيره ** أَدرَى مِنَ الجهميّ بالقرآن

ثم قال فضيلة الشيخ الصابوني:

" بل لم يكن يتلفظ الواحد منهم – يعني: السلف – بمعنى الاستواء، حتى لا يتوهم السامع التشبيه؛ كما فعل الإمام مالك - رحمه الله - حين قال للسائل: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. . . وقد كان بإمكانه أن يقول له: الاستواء: هو الجلوس، ألا تعرف الجلوس؟ " انتهى.

- والجواب أن نقول: إن السلف لم يكونوا يتحاشون من ذكر معاني الصفات، لأنهم يعلمونها، ويعتقدون معناها، ألا تراهم فسروا الاستواء بأربعة معان؛ كما ذكرنا عنهم؟ إنما كانوا يتحاشون الخوض في الكيفية؛ لأنهم لا يعلمونها، والذي سأل الإمامَ مالك لم يسأله عن المعنى، إنما سأله عن الكيفية؛ فإنه قال: {اسْتَوَى}، ولهذا قال له مالك: " والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة " يعني: الكيف.

9 – قال: " وأهل السنة قد اشتهروا بمذهبين اثنين؛ هما: الأول: مذهب السلف، والثاني: مذهب الخلف، وكل منهما لا يخرج عن مذهب أهل السنة والجماعة ".

- والجواب عن ذلك أن نقول: إذا كان مذهب الفريقين واحدًا؛ فلماذا قسمتهم إلى سلف وخلف، وإن كان مذهب الفريقين مختلفًا – كما هو الواقع - فإنه لا يصح لغة ولا شرعًا ولا عقلًا أن تجعلهم جماعة واحدة في هذا الباب، وتطلق عليهم جميعًا أهل السنة والجماعة، مع أن المراد بأهل السنة والجماعة ما وضحه النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).

فهل كان تأويل الصفات أو تفويضها الذي يفعله الخلف –كما ذكرتَ عنهم - هل هو مما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم؟!

إذن؛ ليس من يؤول الصفات أو يفوِّضها من أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وإن كان منهم في أبواب أخرى لا يخالفهم فيها.

10 – ثم يضيف الشيخ إلى مذهب السلف ما ليس منه، فيقول:

" وخلاصة مذهب السلف أنه يجب علينا أن نصف الله تعالى بجميع ما وصف به نفسه من صفات على ما يليق به سبحانه، فتنزهه جل وعلا عن الجسمية والشكل والصورة ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير