فالعقيدة هي عقد القلب على تصديق خبر الرب وتنفيذ أمره، والإيمان به إيماناً لا يقبل الشك مع الثبات عليه.
والعقيدة في الأصل تكون متعلقة بباب تصديق الخبر، والاستعداد لتنفيذ الأمر، فلو قال لك أحد: "الطريق من هنا مغلق" فهذا خبر، فلو صدقت هذا الخبر فقد حدث في القلب اعتقاد بصحة الخبر سيؤدي إلى أن تنوي بأنك إذا قمت سوف تذهب من طريق آخر، وإن لم تصدق بهذا الخبر فلن يحدث اعتقاد، وسيكون اعتقادك أن القائل ليس بصادق.
فالعقيدة عقد القلب على تصديق الخبر والاستعداد لتنفيذ الأمر، فالمسلم عنده عقيدة، يقول: يا رب أنت معبودي بحق، فأنا قد عقدت في قلبي عقداً على تصديق خبر الله عز وجل وعلى تنفيذ أمره، فمن قال "لا إله إلا الله" يعني لا معبود بحق إلا الله على هذه النية قد عقد عَقداً على أن يُصدق خبر الله وأن يُنفذ أمره، ولا يأتي أحد ويشككه في عقيدته فيستجيب له، فالعقيدة لا بد من الثبات عليها وعدم الشك فيها والبقاء عليها إلى يوم الممات، وهو ما عبر عنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حديث سفيان بن عبد الله الثقفي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بقوله: " قل آمنت بالله ثم استقم"، قال تعالى: (وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)، فالإيمان يقتضي تصديق الخبر وتنفيذ الأمر، (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) هذا هو تنفيذ الأمر، (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) والثبات على ذلك إلى يوم الممات، وهذه هي العقيدة.
وهناك كتب كثيرة كُتبت باستخدام مصطلح علم العقيدة، ومن أمثلة ذلك:
• الإمام أحمد بن حنبل (ت:241) له كتاب بعنوان: (العقيدة)، كتبه ليرد على المعتزلة لما خربوا في العقيدة.
• كتاب: (العقيدة الطحاوية) للإمام أبي جعفر بن سلامة الأزدي الطحاوي (ت:321)، والتي شرحها الإمام ابن أبي العز الحنفي.
• كتاب: (اعتقاد أئمة الحديث) لأبي بكر الإسماعيلي (ت:371).
وهذه الفترة كان فيها ظهور المذهب الأشعري، ونهاية عصر المعتزلة، وضياع معاني التوحيد بسبب سيطرة المذهب العقلي على يد المعتزلة، فجعل ذلك السلف يكتبون هذه المؤلفات ليبينوا اعتقاد الصحابة ويحافظوا عليه، وهذا هو القصد الذي استمر فيه جميع العلماء، ما كتبوا في التوحيد وما قسموا التوحيد هذه التقسيمات إلا ليحافظوا على اعتقاد الصحابة، ونحن والله ما جئنا واجتمعنا في هذا المسجد إلا لذلك، وهي رسالة نحملها ويحملها من جاء بعدنا إلى من سيأتي، لأن هذه هي خلاصة الحياة أو الغاية من الحياة، توحيد رب العزة والجلال، فنسأل الله أن نحيا على التوحيد وأن نموت على التوحيد.
إن مصطلح العقيدة أصبح سمت يميز الأشخاص، فيقال: فلان على عقيدة صحيحة، فالعقيدة إن لم تكن صحيحة تنغص على صاحبها حتى لو كان من أشهر الناس ومن أعلم الناس، وعلى سبيل المثال: كتاب مفاتيح الغيب للفخر الرازي، مجلدات كثيرة في علم التفسير، ولكن بسبب أنه على المنهج الكلامي الأشعري ومذهب التأويل يُعرض الناس عن كلامه الجيد، وهذا بسبب الخلل في باب الاعتقاد، وكذلك كتاب الكشاف للزمخشري، فالزمخشري عالم لغة ولكنه معتزلي، فبسبب آرائه الاعتزالية ضيع جمال الجانب اللغوي الذي أبدع فيه في هذا الكتاب.
فهناك كتب كثيرة ضاعت، وضاعت مجهودات أصحابها بسبب اعتقاداتهم التي خالفت منهج السلف الصالح، وأما لو كان المؤلف عقيدته عقيدة سليمة وكتب أي كتاب، فستتلهف عليه الناس، لأن العقيدة سمت.
• كتاب: (الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث) للإمام البيهقي (ت:458).
• كتاب (العقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت:728).
• كتاب: (عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة) للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت:1206).
وهناك أيضاً كتب كتبت في العقائد، ولكن على المنهج المخالف، ومن أمثلة ذلك:
• كتب أبو حامد الغزالي (ت:505) كتابه المسمي: (قواعد العقائد).
¥