قال رحمه الله تعالى: " ...... لأن الناقلين إلينا ذلك هم الذين نقلوا شرائع الدين وأحكام الإيمان".
فالإسلام عبارة عن أخبار وأوامر، فالأمر يتطلب التنفيذ والخبر يتطلب التصديق، والذي نقل لنا الأخبار والأوامر هم الصحابة رضي الله عنهم، فلو كذبناهم في باب الأخبار، فإن ذلك يعني أنهم كذبوا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في باب الأوامر، وهذا لا يكون، ولذلك فإننا نترضى عن الصحابة رضي الله عنهم كما قال تعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (التوبة:100)، وأما الشيعة فيطعنون فيهم، والطعن فيهم طعن في الشرع والدين، لأن هذه الشرائع وهذه الأحكام نقلوها إلينا كما نقلوا أخبار الصفات.
فعلم العقيدة هو علم السنة، والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى بيَّن ذلك في كتاب أصول السنة فقال في مقدمته: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والإقتداء بهم، وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات في الدين والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن، وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هو الإتباع وترك الهوى، ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه والإيمان بها لا يقال لم ولا كيف؟ "
وهناك كتب كثيرة كُتبت باسم السنة في مسائل التوحيد والعقيدة تمييزاً لها عن أصول المعتزلة التي أسفرت عن تعطيل السنة وردها، ومن أمثلة ذلك:
• كتاب أصول السنة لأحمد بن حنبل (ت:241)
• الإمام الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم الشيباني (ت:287) كتب في الرد على المعتزلة كتاباً سماه: (السنة) حيث جاءت مسائله عن الإيمان بالقدر ورؤية الله تعالى في الآخرة ومسائل أخرى في صفات الله تعالى يقف منها أهل الاعتزال موقف التعطيل.
• كتاب (صريح السنة) لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت:310) قال فيه: "فأول ما نبدأ بالقول فيه من ذلك عندنا، القرآن كلام الله وتنزيله إذ كان من معاني توحيده، فالصواب من القول في ذلك عندنا أنه كلام الله غير مخلوق كيف كتب وحيث تلي وفي أي موضع قرئ .. فمن قال غير ذلك أو ادعي أن قرآنا في الأرض أو في السماء سوى القرآن الذي نتلوه بألسنتنا ونكتبه في مصاحفنا، أو اعتقد غير ذلك بقلبه، أو أضمره في نفسه، أو قاله بلسانه دائنا به فهو بالله كافر حلال الدم بريء من الله والله منه بريء".
فانظر كيف كانوا أشداء في الحق، مع أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى لم يُكفر المعتزلة، وكذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى لم يكفر الطوائف الأخرى، وبذلك نعلم خطأ من يقول بأن ابن تيمية كان يُكفر الناس، فابن تيمية رحمه الله تعالى لم يثبت عنه أنه كفَّر طائفة من الطوائف ولا تكفير شخص معين، ولكنه في كلامه يرد على هذه الطوائف، فنحن جئنا لنأخذ بأيدي الناس إلى الحق، لا لنذبح الناس.
• كتاب (السنة) لأبي عبد الله بن نصر المروزي (ت:294).
• كتاب (السنة) لأبي بكر الخلال (ت:311).
• كتاب (شرح السنة) لأبي محمد الحسن بن على بن خلف البربهاري (ت:329).
كل هؤلاء كانوا يتحدثون عن السنة كاصطلاح يرادف معنى التوحيد والعقيدة.
5. الإيمان:
أطلق مصطلح الإيمان على مسائل التوحيد والعقيدة لأنها قضايا تتعلق بتصديق القلب واستعداده للعمل، وهذان ركنان أساسيان في صلاح الإنسان، وقد تداول علماء السلف ذلك الاصطلاح منذ وقت مبكر وأطلقوه على مؤلفاتهم، فمن ذلك:
• كتاب: (الإيمان ومعالمه وسنته واستكمال درجاته) لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت:223).
فالإيمان هو العقيدة، وهذا كان معروفاً عند الصحابة رضي الله عنهم، فكان عندهم مصطلحات الإسلام والإيمان والإحسان، ففي حديث جبريل عليه السلام قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم"، فالدين إسلام وإيمان وإحسان، فالإسلام تنفيذ الأمر، والإيمان تصديق الخبر، وقد قلنا بأن الإيمان قد يُطلق على تصديق الخبر وتنفيذ الأمر.
• كتاب (الإيمان) لمحمد بن يحيي بن أبي عمر العدني (ت:243).
• كتاب (الإيمان) لمحمد بن إسحاق بن يحيي بن منده (ت:395).
¥