و- ثناؤه على نظام الملك والجويني وغيرهم من أعيان الأشاعرة
قال رحمه الله: وكانت الرافضة والقرامطة- علماؤها وأمراؤها – قد استظهرت في أوائل الدولة السلجوقية، حتى غلبت على الشام والعراق، وأخرجت الخليفة القائم ببغداد إلى تكريت وحبسوه بها في فتنة البساسيري المشهورة، فجاءت بعد ذلك السلجوقية حتى هزموهم وفتحوا الشام والعراق، وقهروهم بخراسان وحجروهم بمصر، وكان في وقتهم من الوزراء مثل» نظام الملك «، ومن العلماء مثل أبي المعالي الجويني، فصاروا بما يقيمونه من السنة ويردونه من بدعة هؤلاء ونحوهم لهم من المكانة عند الأمة بحسب ذلك، وكذلك المتأخرون من أصحاب مالك الذين وافقهوه كأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر بن العربي ونحوهما، لا يعظمون إلا بموافقة السنة والحديث.
مجموع الفتاوي (4/ 18) وموقف ابن تيمية من الأشاعرة (3
254)
قال الشيخ عبد الرحمن المحمود: والوزير نظام الملك الذي ذكره شيخ الإسلام يعتبر من أبرز من نصر المذهب الأشعري من خلال المدارس النظامية التي أنشأها في أنحاء متفرقة من العراق وخراسان، وهو يذكر فضله فيما قام به من دعم للسلاجقة السنة في مقابل البويهيين الشيعة، ولذلك مدح صلاح الدين الأيوبي – وقد كان يتبنى عقيدة الأشاعرة – فقال عن مصر:» ثم .. فتحها ملوك السنة مثل صلاح الدين، وظهرت فيها كلمة السنة المخالفة للرافضة.
موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3
254)
ز-ثناؤه على الجويني
قال الشيخ عبد الرحمن المحمود: أما الجويني فيدافع عنه على الرغم من كونه ممن مال إلى المعتزلة أكثر ممن سبقه من الأشاعرة، وبعد أن نقل عنه الأقوال في الكلام ونسبته إلى أهل السنة ما ليس من مذهبهم، رد عليه ابن تيمية وقال:» وأبو المعالي وأمثاله أجل من أن يتعمد الكذب، لكن القول المحكي قد يسمع من قائل لم يضبطه، وقد يكون القائل نفسه لم يحرر قولهم «ويحتج بأقواله ويصححها في معرض ردوده على الجهمية.
درء التعارض (2/ 310) وموقف ابن تيمية من الأشاعرة (3
265)
ح-ثناؤه على الغزالي
قال الشيخ عبدالرحمن المحمود: بيانه أن الغزالي لا يتعمد الكذب، ولذلك لما نسب إلى الإمام أحمد أنه يقول بالتأويل رد عليه ابن تيمية بأنه:» نقله عن مجهول لا يعرف، وذلك المجهول أرسله إرسالاً عن أحمد، ولا يتنازع من يعرف أحمد وكلامه أن هذا كذب مفترى عليه، ونصوصه المنقولة عنه بنقل الثقات الأثبات، المتواتر عنه برد هذا الهذيان الذي نقله عنه، بل إذا كان أبو حامد ينقل عن رسول الله ? وعن الصحابة والتابعين من الأكاذيب لا يحصيه إلا الله، فكيف ما ينقله عن مثل أحمد «، ثم يعقب شيخ الإسلام مدافعاً عن الغزالي:» ولم يكن ممن يتعمد الكذب، كان أجلّ قدراً من ذلك، وكان من أعظم الناس ذكاء وطلباً للعلم وبحثاً عن الأمور، ولما قاله كان من أعظم الناس قصداً للحق، وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة، بليغة، ومن حسن التقسيم والترتيب ما هو به من أحسن المصنفين، لكن كونه لم يصل إلى ما جاء به الرسول من الطرق الصحيحة كان ينقل ذلك بحسب ما بلغه لاسيما مع هذا الأصل، إذ جعل النبوات فرعاً على غيرها
كما أن شيخ الإسلام يعترف للغزالي بجهوده في ردوده على الفلاسفة، ويمتدحه كثيراً في ذلك، ولما احتج الفلاسفة على نفي الصفات بالتركيب وما يلزم رد عليهم الغزالي ووافقه ابن تيمية فقال: ما ذكره أبو حامد مستقيم، مبطل لقول الفلاسفة، وما ذكره ابن رشد إنما نشأ من جهة ما في اللفظ من الإجمال والاشتراك.
ثم قال مناقشاً ابن رشد: وهذه الطريق التي سلكها أبو حامد في مناظرته إخوانك وهي طريق صحيحة، وقد تبين أن ما ذكره أبو حامد عن احتجاجهم بلفظ المركب جواب صحيح «
ويقول ابن تيمية عن ابن رشد , وقد رد على أبي حامد في تهافت التهافت رداً أخطأ في كثير منه، والصواب مع أبي حامد .. وقد تكلمت على ذلك وبينت تحقيق ما قاله أبو حامد في ذلك من الصواب الموافق لأصول الإسلام، وخطأ ما خالفه من كلام ابن رشد وغيره من الفلاسفة، وإن ما قالوه من الحق الموافق للكتاب والسنة لا يرد، بل يقبل، وما قصر فيه أبو حامد من إفساد أقوالهم الفاسدة فيمكن رده بطريق أخرى يعان بها أبو حامد على قصده الصحيح.
¥