و الأقرب أن المراد بعقد اللحية: أن بعض الناس كانوا في الجاهلية إذا كانت لحيته جميلة يعقدا لأجل إذا رآها الناس لا يحسدونه على حسن لحيته، و هذا يقع عند بعض الناس، أن يقبح ثيابه و يجعل ملابسه سيئة لأجل لا يصيبها العين، فيعض الناس إذا كان عنده ولد جميل و خشي عليه من العين يلبسه ملابس سيئة أو يجعله غير مرتب الهيئة لأجل لا تصيبه العين.
الفائدة الخامسة والثلاثون:
* الأسباب لا بد فيها من ثلاثة أمور:
(1) الأمر الأول: أن يثبت كونها سبباً في الشرع أو في القدر، و قدمنا الكلام عليه وهذه أهم مسألة، و من فهمها فهم كثيراً من مسائل الاعتقاد.
(2) الأمر الثاني: لا بد أن يعتقد أن السبب لا ينفع ولا يضر بنفسه إنما ينفع و يضر بإذن الله تعالى، فالله تعالى هو النافع و حده و هذه أسباب محضة لوصول الإنسان إلى مقصوده.
(3) الأمر الثالث: ألا يستعملها وهو متوكل عليها بل يعتمد على الله تعالى، بعض الناس يفعل الأسباب و هو يتوكل و يعتمد عليها اعتماد افتقار إليها، فيرى أنه لو لم يستخدم هذا السبب فإنه ينقطع عن الوصول إلى مقصوده، كأن يعتقد أن الوظيفة التي هو يعمل فيها هذه هي سبب رزقه!!، و لا شك أنها سبب للرزق لكن لو كان يعتمد عليها اعتماد افتقار، ويرى أنه لو فصل منها فإنه لن يجد رزقاً!!! فهذا محذور في باب الأسباب ....
* بل الواجب عليه أن يعتقد أنها طريقٌ موصلٌ، و أن الله تعالى قيَّضها له، فإذا منعت منه فإن الله تعالى سيقيض له رزقاً من باب آخر، فكما كتب الله له هذا الباب يكتب له باباً آخر.
الفائدة السادسة والثلاثون:
التبرك: طلب البركة.
و البركة: في اللغة: هي كثرة الخير و ثبوته، و من ذلك بركة الماء، فإن بركة الماء تخالف الماء الجاري في أمرين: (1) كثرة الماء فيها. (2) ثبوته فيها.
الفائدة السابعة والثلاثون:
· ذكر المؤلف قوله تعالى: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) سورة النجم.
(اللاَّت): رجل كان يلت لهم السويق يعجن السويق للحاج، فلما مات صوروا صورة على قبره ليذكروه بها فلما مر الزمن عبدوا هذه الصورة، و هي حجر نحت على شكله.
(العزى): كذلك صنم كان بين مكة والطائف.
(مناة): مأخوذ من منى, لكثرة ما يمنى ليّه من الدماء, لأنهم كانوا يذهبون إلى هذه الأصنام فيريقون عندها الدماء، يذبحون عندها الذبائح.
- فهذه أسماء أصنام وأوثان كان المشركون يعبدونها, ويصرفون العبادة لها وذلك لتعطيهم البركة، يطلبون البركة بصرف العبادة لها.
الفائدة الثامنة والثلاثون:
* (قواعد التبرك):
القاعد الأولى: أن لا تثبت البركة في شيء إلا بدليل: لا يثبتها أحد في شيء إلا بدليل، فإذا لم يدل دليل على ثبوت البركة في شيء فإننا لا نعتقد فيه البركة. فإذا اعتقد الإنسان في شيء أن فيه بركة و ليس عليه دليل فقد خالف هذه القاعدة.
القاعدة الثانية: إن التماس البركة فيما ثبتت فيه البركة يكون بالطرق المشروع: التماس البركة فيما ثبتت فيه هذه البركة شرعاً لا بد أن يكون بالطرق المشروعة.
الفائدة التاسعة والثلاثون:
* (أقسام التبرك) اعلم أن التبرك طلب البركة ينقسم إلى:
(1) تبرك شركي (2) تبرك بدعي (3) تبرك شرعي.
(1) التبرك الشركي: هو صرف العبادة لغير الله طلباً للبركة، كما يفعل المشركين في اللات والعزى ومناة فإنهم يصرفون لها العبادة طلباً للبركة. لو شخص ذبح، ذهب إلى قبر رجل صالح و ذبح لهذا القبر لتأتيه البركة، فهو صرف عبادة الذبح لغير الله طلباً لحصول البركة له، هذا هو التبرك الشركي.
(2) التبرك البدعي: اعتقاد البركة فيما لم تثبت فيه بدليل أو أن نلتمس البركة بغير الطرق الشرعية, و هو تبرك مبتدع في الدين، لكنه لا يخرج فاعله عن الإسلام، مثل: من يستلم جدران الحرم، أو يتمسح بمقام إبراهيم عليه السلام، فهذا الذي يتمسح بها طلباً للبركة يمسحها و يضعها على بدنه لتعمه البركة.
(3) التبرك الشرعي: وهو الذي تحققت فيه القاعدتان السالفتان: أن يثبت أن الشيء فيه بركة، و أن نتلمسها بالطرق الشرعية.
الفائدة الأربعون:
* (أنواع التبرك الشرعي الجائز المشروع):
¥