لما نشأت البدع في الإسلام وانتشرت فرق الغواية والضلال – مع انتسابهم الظاهر للاسلام - بعد انقضاء القرون المفضلة كان حتما لأهل الحق وراية التوحيد وسلامة العقيدة التي ترك النبي الأمة عليها بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك أن يعرفوا بأسماء تميزهم عن أهل الابتداع والانحراف فظهرت حينذاك أسماؤهم الشرعية المستمدة من الكتاب والسنة سواء من منطوق او مفهوم فبعضها ثابت بالنص والآخر حصل لهم بفضل تمام انقيادهم وتحقيقهم للإسلام الصحيح وهذه الالقاب مخالفة تماما لمسميات آهل البدع فهي ترجع إلى الانتساب لأشخاص او الى ألقاب مشتقة من أصل بدعتهم كما هو معلوم
ومن أشهرها آهل السنة والجماعة وهو مؤلف من شقين أهل السنة و الجماعة
آهل السنة والمقصود بالسنة هو المعنى الاصطلاحي وهو شمولها للإسلام كاملا – كما سبق في تعريف السنة- وجاء الحث في أحاديث النبي على الأمر بإتباع السنة كما في حديث العرباض بن سارية وغيره فمن استمسك بها حقا وصدقا كان أحق الناس بالانتساب لها
و أما الجماعة فهذه ثابتة لهم بالنص كما جاء في حديث الافتراق من طريق معاوية أن النبي قال * ... كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة وانه سيخرج من آمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله .. * رواه احمد وغيره وقال الالباني في ظلال الجنة في تخريج السنة حديث صحيح بما قبله وما بعده انظر السنة لأبي عاصم مع ظلال الجنة ص33
وقد ذكر الشاطبي للعلماء في تفسير الجماعة خمسة أقوال كلها دائرة على اعتبار أهل السنة أنهم هم المعنيون بالجماعة
قيل هم السواد الأعظم من أهل الإسلام وقيل جماعة أئمة العلماء المجتهدين وقيل أن الجماعة هم الصحابة على الخصوص وقيل هم الجماعة من جماعة أهل الإسلام وقيل ما اختاره الإمام الطبري من أن الجماعة هم جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير
هكذا نقلتها بايجاز مخل ومن اراد التوسع فعليه بكتاب الاعتصام للشاطبي ج1 ص260/ 265
وهذا تحرير رفيع المقام لرفع إيهام تعارض الأقوال من الخطابي مع تعليق للشيخ صالح أل الشيخ نقلته لأهميته في شرحه للواسطية
وقد ذكر الخطابي رحمه الله تعالى في كتابه (العزلة) كلمة فائقة فيها تحرير هذا المقام.
قال: إن (الافتراق) ينقسم إلى افتراق في الآراء والأديان وإلى افتراق في الاجتماع والأبدان أو بالأشخاص والأديان.
افتراق تارةً يكون في الآراء والأديان وتارةً يكون في الأشخاص والأديان.
هكذا قال.
وهذا كلامٌ دقيقٌ متين.
قال: و (الاجتماع) اجتماع بمقابل ذلك بالآراء والأديان ويكون اجتماع بالأشخاص والأديان.
والاجتماع في الأشخاص والأبدان هذا ينقسم .... إلى آخر ما يحصله كلامه رحمه الله.
نأخذ من هذا أنه لفهم معنى (الجماعة) فهماً دقيقاً – لأنه ينبني على هذا فهم معنى (أهل السنة والجماعة) حتى لا يُدخل فيهم من ليس منهم – تحريره:
أن (الجماعة) تطلق باعتبارين:
1 – جماعةٌ باعتبار العقائد والأديان باعتبار الآراء والأديان.
فإذا نظرت إلى هذا المعنى في الاجتماع فإنه مأمورٌ به.
والاجتماع على الآراء والأديان الأقوال في الدين وعلى الأحكام وعلى العقائد وعلى المنهج ونحو ذلك فهذا لا بد أن يكون له مرجع.
ومرجعه – في فهم نصوص الكتاب والسنة – هم: صحابة رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم.
وبهذا يلتقي هذا الفهم مع أقوال أهل العلم الذين قالوا: إن (الجماعة) هم: صحابة رسول الله صلى عليه وسلم.
وعلى هذا فالذين أخذوا بما قالته الصحابة وما بينته الصحابة من أحكام الشرع من الأحكام الخبرية – يعني من العقائد – فهو من الحق وهو الذي لم يكن مع الفرق التي فارقت الجماعة.
وهؤلاء الذين هم مع صحابة رسول الله صلى عليه وسلم هم مع السواد الأعظم قبل أن يفسد السواد الأعظم.
ومعلومٌ أنه لا يحتج بالسواد الأعظم في كل حال.
وإنما السواد الأعظم الذي يحتج به هو السواد الأعظم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه مسألةٌ في غاية الأهمية.
إذ الاحتجاج بالسواد الأعظم إنما يراد به: السواد الأعظم للمهتدين.
وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تابعهم في أمور الدين.
فصار إذن هاهنا قولان رجعا إلى هذا المعنى.
¥