تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا لا يجتمع في دين الإسلام قبر ومسجد مُطلقًا، ولا فرق ?في المحذور? بين بناء المسجد على القبر أو إدخال القبر في المسجد، وضمن هذا المنظور السُّنِّي يقول ابن القيم ?رحمه الله? «فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيُّهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعَا معًا لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تصحُّ الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجدًا أو أوقد عليه سراجًا، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه، وغربته بين الناس كما ترى» (25 - «زاد المعاد» لابن القيم: (3/ 572) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_25')))، ونقل المناوي عن الحافظ العراقي في هذا المعنى بقوله: «قال الزين العراقي: والظاهر أنه لا فرق، فلو بنى مسجدًا بقصد أن يدفن في بعضه دخل في اللعنة، بل يحرم الدفن في المسجد، وإن شرط أن يدفن فيه لم يَصِحَّ الشرطُ لمخالفته لمقتضى وقفه مسجدًا» (26 - «فيض القدير» للمناوي: (5/ 274) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_26'))).

هذا، وأمَّا ما استظهر به القبوري ?هداه الله? من كلام البيضاوي بقوله: «أمَّا من اتخذ مسجدًا بجوار صالح أو صَلَّى في مقبرته وقصد به الاستظهار بروحه، ووصل أثر من آثار عبادته إليه، لا التعظيم له والتوجه فلا حرج عليه، ألا ترى أنَّ مدفن إسماعيل في المسجد الحرام ثمَّ الحطيم؟ ثمَّ إنَّ ذلك المسجد أفضل مكان يتحرَّى المصلي بصلاته، والنهي عن الصلاة في المقابر مختصٌّ بالمنبوشة لما فيها من النجاسة».

فجوابه من ثلاث جهات:

الأولى: أنَّ تقرير الجواز مخالف لعموم الأدلة الناهية عن الصلاة في المقبرة وما يلحق بها من المساجد المبنية على القبور، قال الألوسي: «هذا، واستدلَّ بالآية على جواز البناء على قبور الصلحاء واتخاذ مسجد عليها وجواز الصلاة فيها، وممَّن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي وهو قول باطل عاطل فاسد كاسد» (27 - «تفسير الألوسي»: (11/ 196) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_27')))، ثمَّ استدلَّ على ذلك بالأخبار الصحيحة والآثار الصريحة على فساد هذا المعتقد.

الثانية: أنَّ تعليل النهي عن الصلاة في المقابر بالنجاسة الحِسِّية غير ظاهر مع أنَّ المؤمن لا ينجس حيًّا أو ميّتًا، كما ثبت في الحديث (28 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنس منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قال: كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: «سُبْحَانَ اللهِ إِنَّ المسْلِمَ لاَ يَنْجُسُ». أخرجه البخاري: (1/ 75)، ومسلم: (1/ 175). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «المسْلِمُ لاَ يَنْجُسُ حَيًّا وَلاَ مَيِّتًا» أخرجه البخاري معلقا: (1/ 300)، ووصله ابن أبي شيبة: (2/ 469) انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (1/ 33) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_28')))، وإنما ورد النهي سدًّا للذريعة خشية أن يُعبَدَ فيها المقبور لقرينة خبر: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» (29 - أخرجه أحمد في «مسنده»: (7352)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1/ 312)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحح إسناده الألباني في «تحذير الساجد»: (22) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_29')))، فكان النهيُ لأجل نجاسة الشِّرك اللاحقة بمن عصاه، وهي نجاسة معنوية، قال الصنعاني ?رحمه الله? متعقِّبًا على البيضاوي «قوله: «لا لتعظيم له»، يقال: قصد التبرك به تعظيم له، ثمّ أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر، والظاهر أنّ العلة سدّ الذريعة والبعد عن التشبُّه بعبدة الأوثان، الذين يعظِّمون الجمادات التي لا تنفع ولا تضرُّ، ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية؛ ولأنه سبب لإيقاد السرج عليها الملعون فاعله، ومفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر» (30 - «سبل السلام» للصنعاني: (1/ 318) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_30'))).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير