1 ـ إسماعيل، أصله (يسمع إيل)، فهو من مادة (سمع)، وإيل لفظ يُطلق على الله، فهو كقولك: يسمع الله، وهذا التركيب لا زال يستعمل إلى وقتنا الحاضر، فأنت تسمع أسماء مثل (جاد الله، جاد الحق) وغيرها من المصادر التي تضاف إليه، مثل (حبيب الرحمن، ولي الله)، وذلك أمر غير غريب.
وهذا الاسم قد أُخِذَ من الحَدَثِ الذي وقع لأم إسماعيل، حيث ورد في (سفر التكوين: 16): ((وأضاف ملاك الرب: هوذا أنت حامل، وستلدين ابنا تدعينه إسماعيل؛ لأن الرب قد سمع صوت شقائك)، وقد ورد في كتاب (التفسير التطبيقي للكتاب المقدس / ص: 44) عبارة (ومعناه: الله يسمع) بين قوسين؛ تفسيرًا لاسم إسماعيل، وهذا تأصيل لعروبة هذا الاسم من حيث لا يشعرون.
2 ـ يعقوب: أصله من مادة (عقب)، وهو الذي يعقب، فهو العاقب، وقد وردت الإشارة بذلك في قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) ألا تلاحظ كيف سُمِّي من الحدث الذي قام فيه، وهو كونه يخلف أباه (أي: يعقبه)، فقد بُشِّرت (سارة) ببشارتين: الولد وولد الولد.
3 ـ سليمان: أصله من مادة (سلم)، وكانوا ينطقونه بالشين، وهذا أحد التبديلات التي تقع في بعض اللغات العروبية القديمة، وقد ورد في (دائرة المعارف الكتابية 4: 419) ما نصه: ((سليمان: هو الملك الثالث لإسرائيل، واسم سليمان مشتق من (شالوم) العبرية، ومعناها (سلام أو مسالم) ... )).
وقد نبَّهوا في مادة (سلام ـ سلامه) (4: 409) إلى أنَّ كلمة (شالوم) تعني: سلام، وهي تُستخدم في التحية المألوفة بين الأصدقاء، والسؤال عن صحتهم، كما تستخدم عند الوداع.
ولعلك على ذُكْرٍ بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك فإنها تَحِيَّتك وتحية ذريتك قال فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله قال فزادوه ورحمة الله قال فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن)). رواه مسلم 4: 2183.
وليس السين وحدها التي تنقلب إلى شين، بل في لغتهم أحرف اخرى تنقلب؛ كالحاء في الرحمن تكون (الرخمن)، وغيرها مما يُعرف بموازنة لغاتهم بلغة العرب.
مسألة: إذا كان الأمر على هذه الصورة، فلم لم ينتبه له المتقدمون؟
أقول: بل لقد كان في كلامهم إشارات، وكانت من باب العلم الظني،، ولم يكن عندهم ثمت أبحاث في تأصيل الموضوع أكثر من القول باشتراك اللغات في اللفظ، ولم يكن يدور في خلدهم أن هذا الاشتراك يقود إلى أصل واحدٍ، وأن العربية هي بقايا هذا الأصل، ومن أقرب مذاهبهم إلى ما ذكرت لك ما ذهب إليه الطبري في الباب الذي عقده في مقدمة تفسيره، وعنوانه: (القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم)، وخلاصة رأيه في ذلك: أن من نسب من السلف بعض الألفاظ إلى غير لغة العرب، فليس مراده أنها ليست من لغة العرب، بل هي ألفاظ نطقت بها العرب، ووافقها في نطقها غيرهم. (جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ط: دار هجر: 1: 13).
لكن البحث الموازن بين اللغات اليوم أظهر حقيقة ارتباط اللغات القديمة في موطن الوطن العربي الذي نراه اليوم باللغة العربية التي نزل بها القرآن، لكن بعض هؤلاء الباحثين من المستشرقين والتوراتيين يُخفون هذه الحقيقة، فهم لا يريدون أن يذكروا للعرب أيَّ مَحمَدَة، فكيف يصفونهم بأنهم يملكون خصائص اللغة الأم؟.
ولو فتَّشت في مثل كتاب (قاموس الكتاب المقدس) لوجدت بعض الكلمات التي يرجعونها إلى العربية، وفيها ما هو واضح التقارب معها،، وهي لا تختلف إلا في طريقة النطق فحسب وإليك هذا المثال:
1 ـ (ص: 192): ((بنيامين: اسم عبري، معناه (ابن اليد اليمين، أو ابن اليُمن)، وهو ابن يعقوب من امرأته راحيل، وكان أصغر إخوته)).
ولعل هذا الاسم لا يحتاج إلى كبير تحليل، كما أن طريقة نطقة قريبة جدًّا من طريقة اللغة المعيارية (لغة العرب وقت نزول القرآن).
¥