(ج) كلتا: ذهب سيبويه إلى أن التاء فيها بدل من لام الكلمة، كما أبدلت منها في بنت وأخت، وألفها للتأنيث، ووزنها (فعلى) كذكرى" (73).
والتاء فيها ليست متخصصة للتأنيث، بل فيها رائحة منه، وإنما لم تتمخض التاء فيها للتأنيث لعدم فتح ماقبلها، ولأنها لم تقلب في الوقف هاء. وذهب الجرمى إلى أن التاء في (كلتا) للتأنيث، والألف فيها لام الكلمة، كالألف في كلا ووزنها على (فعتل).
والحق ماذهب إليه سيبويه لأنه حمل على النظير، وهو (ذكرى) ووزنهما معاً (فعلى). وما ذهب إليه الجرمى ليس له نظير، لأنه ليس في الأسماء (فعتل) كما أنه لم يعهد أن تكون تاء التأنيث حشواً في كلمة واحدة.
(د) الأسماء الستة: هي عند البصريين معربة من مكان واحد، والواو والألف والياء هي حروف الإعراب، وعند الكوفيين معربة من مكانين، فالضمة والواو علامة للرفع والفتحة والألف علامة للنصب والكسرة والياء علامة للجر (74). وما ذهب إليه البصريون هو الصحيح، لأنه له نظير في كلام العرب، فإن كل معرب في كلامهم له إعراب واحد، فلا حاجة إلى جمع الإعرابين في كلمة واحدة لأن أحدهما يقوم مقام الآخر.
أما ما ذهب إليه الكوفيون من الجمع بين علامتي إعراب فهو فاسد، لأن ذلك لا نظير له في كلامهم، والمصير إلى ماله نظير أولى من المصير إلى ما ليس له نظير (75).
(هـ) التثنية والجمع: ذهب البصريون إلى أن الألف والواو والياء في التثنية والجمع حروف إعراب، نابت عن الضمة والفتحة والكسرة. وذهب أبو عمر الجرمي إلى أن انقلابها هو الإعراب، وهذا الرأي فاسد لأنه يؤدى إلى أن الإعراب بغير حركة ولا حرف، وهذا لا نظير له في كلامهم.
(و) صفة اسم (لا) المبني: يجوز فتح صفة اسم (لا) المبني في نحو: لا رجل ظريف في الدار، وفي هذه الحالة تكون فتحة الصفة فتحة بناء، لأن الموصوف والصفة جعلا كالشيء الواحد، فهما بمنزلة العدد المركب نحو: خمسة عشر. ثم دخلت "لا" عليها بعد التركيب، ولا يجوز أن تكون دخلت عليهما وهما معربان فبنيا معها، لأنه يؤدي إلى جعل ثلاثة أشياء كشيء واحد، وذلك لا نظير له (76).
(ز) حمل فعل التعجب على اسم التفضيل: إذا كان فعل التعجب معتل العين نحو: ما أطول زيدا، وأطول به، وجب تصحيح عينه في الصيغتين قياساً على اسم التفضيل، لأنه نظيره في الوزن والدلالة على المزية. حيث قالوا: هذا المثال أبين من غيره وأقوم منه، بصحة عينه وعدم إعلالها. فقد رأيت أن عين فعلا التعجب صحت حملا على صحتها في عين اسم التفضيل الذي صحت عينه لكونه اسما أشبه المضارع في الوزن والزيادة وما كان كذلك لا يعل.
(ح) صرف الجمع الذي له نظير في الآحاد: مما يمنع من الصرف الجمع الذي على صيغة منتهى الجموع، نحو: مساجد ودراهم ومصابيح لأن الجمع متى كان بهذه الصفة كان فيه فرعية اللفظ بخروجه عن صيغ الآحاد العربية، وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية، فاستحق المنع من الصرف بسبب هاتين العلتين الفرعيتين، أي أن المانع من صرف ما جاء على مفاعل، أو مفاعيل هو عدم النظير في الآحاد. أما الجمع الذي له نظير في الآحاد فيصرف نحو: أفعل وأفعال وأفعلة، فأفعل مثل: أفرس وأكلب نظيره في فتح أوله وضم ثالثه ما جاء على مثال تفعل مثل (تتفل وتنضب) (77).
أما " أفعال " فمثل: أفراس وأجمال، ونظيره في فتح أوله وزيادة ألف رابعة تفعال نحو: تجوال وتطواف، وفعلال نحو: صلصال وخزعال، وفاعال نحو: ساباط وخاتام (78). وأما افعله فنظيره في فتح أوله وكسر ثالثه وزيادة هاء التأنيث في آخره، تفعلة نحو: تذكرة وتبصرة.
فقد رأيت أن الجمع الذي له نظير في الآحاد، يوازية في الهيئة وعدد الحروف يكون مصروفا، لهذا صرف ما جاء من المجموع على وزن أفعل وأفعال وأفعلة لوجود النظير. ومنع صرف ما ليس له نظير في الآحاد مثل ما جاء على صيغة منتهى الجموع.
13 - قياس بعض الأفعال على بعض:
(أ) قياس رضيَ على سخط (79): الأصل في الفعل (رضي) أن يتعدى بـ (عن) تقول: رضي الله عن أبى بكر كما أن الفعل (سخط) يتعدى بـ" على " تقول:
سخطت على الجهل. وقد يحمل الفعل رضي على سخط فيتعدى بـ"على" حملا للشيء على نقيضه، لأن الرضى ضد السخط.
وقد استحسن الفارسي قول الكسائي في قول الشاعر:
¥