(1) ديوان جرير ص 199،/ نقائض جرير والفرزدق ص 700
(2) ديوان الفرزدف ص 559، نقائض جرير والفرزدق ص 697
وهذا ما يبدو في نقيضة الفرزدق التي يهجو بها جريراً ويفتخر بقومه فيقول: (الكامل)
إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه أعز وأطول
بيتاً بناه المليك وما بنا حكم السماء فإنه لا ينقل
وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ((أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها رفع سمكها فسواها)) (1)
وقوله أيضاً: (الكامل)
ضربت عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل
وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ((مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)) (2).
ومن قول جرير الذي كان أشد تأثراً بالإسلام يقول: (الكامل)
إنّ البعيث وعبد آل مقاعس لا يقرآن بسورة الأحبار
وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ..... )) (3)
وغير ذلك من الأشعار التي تبين تأثر شعراء النقائض بالإسلام (4)
3 - الإفحاش في الهجاء:
لقد هتك شعراء النقائض الأعراض وأباحوا الحرمات بعبارات تؤثر التصريح لا التلميح، وهذا الهجاء وصل إلى درجة تشمئز منه النفوس وتنكرها الأخلاق والتعاليم الدينية وكان لبعض الأبيات أثر في نفوس من وجهت إليهم فقال جرير:
((ما هجينا بشيء قط أشد علينا من قول الأخطل: (البسيط)
مازال فينا رباط الخيل معلمة وفي كليب رباط الذلّ والعار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) سورة النازعات الآية (27 - 28)
(2) سورة العنكبوت الآية (41)
(3) سورة المائدة الآية (1)
(4) الأغاني 8/ 49، تاريخ النقائض ص 406، ديوان الفرزدق ص 431، ديوان جرير ص 270، النهاية في غريب الأثر 4/ 140، تاريخ الأدب العربي الزيات ص120، نقائض جرير والفرزدق ص 633
قوم إذا استنح الأضياف كلبهم قالوا لأمهم: بولي على النار
تمسك البول شحاً لا تجود به ولا تبول لهم إلا بمقدار
فأجابه جرير: (الكامل)
حيّوا المقام وحيوا ساكن الدار ما كدت تعرف إلا بعد إنكار
كما أنّ الفرزدق يقول في أم جرير: (الوافر)
قبح الله فقرة في بطنها منها خرجت وكنت فيها تحمل
فأجابه جرير: (الكامل)
قبح الإله بني خفاف ونسوة ٍ بات الخزير لهن كالأحقال
إذاً سلك شعراء النقائض هذا الطريق وهو الهجاء من أجل الرد على الخصم وتقوية حجته (1)
4 - اعتماد السخرية:
عمد شعراء النقائض إلى هذا الأسلوب ففيه إسفاف وتشنيع الخصم وفي نقائض جرير والفرزدق أمثلة كثيرة على ذلك.
فقد سخر جرير من الفرزدق قائلاً (الطويل)
وإنك لو تعطي الفرزدق درهماً على دين نصرانية لتنصّر
ومن ذلك أيضاً قوله: (الوافر)
خذوا كحلاً ومجمرة وعطراً فلستم يا فرزدق بالرجال
ومن ذلك قول الفرزدق في والد جرير (الكامل)
إنّا لنضرب رأس كلّ قبيلةٍ وأبوك خلف أتانه يتقمّل
وقوله أيضاً: (الطويل)
تركنا جريراً وهو في السوق حابس عطية هل يلقى به من يبادله
فقالوا له ردّ الحمار فإنه أبوك لئيم رأسه وجحافله (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ديوان الفرزدق ص 230، ديوان جرير ص 430، نقائض جرير والأخطل ص91، نهاية الأرب 15/ 217،تاريخ النقائض ص411،تاريخ الأدب العربي الزيات ص230
(2) ديوان الفرزدق ص 446،ديوان جرير ص 357،205،435،نهاية الأرب15/ 222، طبقات فحول الشعراء 2/ 408، تاريخ الأدب العربي الزيات ص121، 123، العقد الفريد
5 - توليد المعاني والصور: (1)
أخذ شعراء النقائض يولدون المعاني و الأفكار، وكان عندهم خيال خصب يبتكرون الصور ويبالغون في المعاني ويخترعون الوقائع والحوادث غير آبهين بما يرتكب في سبيل ذلك من الكذب والبهتان.
فشغل جرير بفكرة القين والحدادة عند الفرزدق فولّد منها المعاني، فحينما يصفه بأنه قين و ابن قين كان يتعمق في هذه الفكرة، ويستخرج منها معاني متعددة فيقول: (الكامل)
ألهى أباك عن كل المكارم والعلا لي الكتائف وارتفاع المرجل
تصف السيوف وغيركم يعصي بما يا ابن القيون و ذاك فعل الصّقل
يقول أيضاً: (الطويل)
هو القين وابن القين لا قين مثله لفطح المساحي أو لجدل الأداهم
ونلاحظ الفرزدق يسرد في ميميته حوادث وأيام فيقول (الطويل)
¥