تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحكم بكونها مخفاة يقتضي أن تبقى فرجة بين الشفتين، لأن إطباقهما يجعل الميم مظهرة لا مخفاة، وسنورد كلام ابن الجزري رحمه الله تعالى من التمهيد والنشر، ولكن قبل ذلك نقول إننا لم نجد من كلام ابن الجزري رحمه الله تعالى تصريحا بانطباق الشفتين ولا بجعل فرجة بينهما، ووجد من كلام بعض الأئمة المتقدمين تصريح بانطباقهما، وتعارضت أقوال بعض القراء المعاصرين في ما هو الذي تلقوه عن مشايخهم، وسنورد أيضا بعض النقول عن المتقدمين وبعض كلام المعاصرين لتتضح المسألة.

قال ابن الجزري في التمهيد: القسم الرابع: الإقلاب، وقد تقدم الكلام على معناه، فإذا أتى بعد النون الساكنة والتنوين باء قلبت ميما، من غير إدغام، وذلك نحو أن بورك، أنبئهم، جدد بيض، والغنة ظاهرة في هذا القسم.

وعلة ذلك أن الميم مؤاخية للنون في الغنة والجهر، ومشاركة للباء في المخرج، فلما وقعت النون قبل الباء، ولم يمكن إدغامها فيها، لبعد المخرجين، ولا أن تكون ظاهرة لشبهها بأخت الباء وهي الميم، أبدلت منها لمؤاخاتها النون والباء. انتهى كلامه.

وكلامه هنا عن النون التي جاء بعدها الباء.

وقال عند كلامه عن الميم التي جاء بعدها الباء: وإذا سكنت وأتى بعدها باء فعن أهل الأداء فيها خلاف، منهم من يظهرها عندها، ومنهم من يخفيها، ومنهم من يدغمها، وإلى إخفائها ذهب جماعة، وهو مذهب ابن مجاهد و ابن بشر وغيرهما، وبه قال: (الداني. وإلى إدغامها ذهب ابن المنادي وغيره. وقال) أحمد بن يعقوب التائب: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيها باء في كل القرآن. وبه قال مكي. وبالإخفاء أقول، قياساً على مذهب أبي عمرو بن العلاء، قال شيخنا ابن الجندي -رحمه الله- واختلف في الميم الساكنة إذا لقيت باء، والصحيح إخفاؤها مطلقاً، أي سواء كانت أصلية السكون كـ أم بظاهر أو عارضة كـ يعتصم بالله. ومع ذلك فلا بد من ترقيقها وترقيق ما بعدها، إذا كان ألفاً. انتهى كلامه

وقال ابن الجزري في النشر: وأما الحكم الثالث وهو (القلب) فعند حرف واحد وهي الباء فإن النون الساكنة والتنوين يقلبان عندها ميماً خالصة من غير إدغام وذلك نحو (أنبئهم، ومن بعد، وصم بكم) ولابد من إظهار الغنة مع ذلك فيصير في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة عند الباء فلا فرق حينئذ في اللفظ بين (أن بورك، وبين: يعتصم بالله) إلا أنه لم يختلف في إخفاء الميم ولا في إظهار الغنة في ذلك، وما وقع في كتب بعض متأخري المغاربة من حكاية الخلاف في ذلك فوهم، ولعله انعكس عليهم من الميم الساكنة عند الباء. والعجب أن شارح أرجوزة ابن بري في قراءة نافع حكى ذلك عن الداني. وإنما حكى الداني ذلك في الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الإخفاء. وفد بسطنا بيان ذلك في كتاب التمهيد والله أعلم.

وقال في النشر في خاتمة كلامه عن الإخفاء: واعلم أن الإخفاء عند أئمتنا هو حال بين الإظهار والإدغام. قال الداني وذلك أن النون والتنوين لم يقربا من هذه الحروف كقربهما من حروف الإدغام فيجب إدغامهما فيهن من أجل القرب ولم يبعدا منهن كبعدهما من حروف الإظهار فيجب إظهارهما عندهن من أجل البعد، فلما عدم القرب الموجب للإدغام والبعد الموجب للإظهار أخفيا عندهن فصارا لا مدغمين ولا مظهرين إلا أن إخفاءهما على قدر قربهما منهن وبعدهما عنهن فما قربا منه كانا عنده أخفى مما بعدا عنده، قال والفرق عند القراء والنحويين بين المخفى والمدغم أن المخفى مخفف والمدغم مشدد انتهى والله أعلم.

فاختيار ابن الجزري هو الإخفاء حيث قال: وبالإخفاء أقول. وفهم من اختياره للإخفاء أن تبقى فرجة صغيرة تسمح بمرور الهواء، لأن إطباق الشفتين يؤدي إلى عدم ظهور الإخفاء، ولكن هذا الذي فهم يشكل عليه بعض النصوص الواردة في كتب القراء من ذلك:

قول ابن غلبون رحمه الله تعالى وكان من كبار المقرئين في عصره بالديار المصرية المتوفى سنة 399هـ في كتابة التذكرة في القراءات: وأما الميم مع الباء فهي مخفاة لا مدغمة، والشفتان أيضاً ينطبقان معهما اهـ

وقال الإمام أبو عمرو الداني المتوفى سنة 444 هـ في التحديد في علم التجويد قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير