تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) يعني لا تثقل علي وتعسر علي الأمور؛ وكأن هذا والله أعلم توطئة لما يأتي بعده.

...

) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً)

(الكهف:74)

قوله تعالى: {) فَانْطَلَقَا} بعد أن أرست السفينة على الميناء. {حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ} ولم يقل "قتله"، وفي السفينة قال: {أَخَرَقْتَهَا} ولم يقل: "فخرقها"، يعني كأن شيئاً حصل قبل القتل فقتله.

(غُلاماً) الغلام هو الصغير، ولم يصبر موسى. {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً} وفي قراءة "زاكية" لأنه غلام صغير، والغلام الصغير تكتب له الحسنات، ولا تكتب عليه السيئات، إذاً فهو زكي لأنه صغير ولا تكتب عليه السيئات.

(بِغَيْرِ نَفْسٍ) يعني أنه لم يقتل أحداً حتى تقتله، ولكن لو أنه قتل هل يُقتل أو لا؟

الجواب: في شريعتنا لا يقتل لأنه غير مُكلَّف ولا عَمْد له، على أنه يحتمل أن يكون هذا الغلام بالغاً وسمي بالغلام لقرب بلوغه وحينئذٍ يزول الإشكال.

(لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) هذه العبارة أشد من العبارة الأولى. في الأولى قال: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمرا}، ولكن هنا قال: {نُكْراً} أي منكراً عظيماً، والفرق بين هذا وهذا، أن خرق السفينة قد يكون به الغرق وقد لا يكون وهذا هو الذي حصل، لم تغرق السفينة، أما قتل النفس فهو منكر حادث ما فيه احتمال.

فقال الخضر:

...

) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (الكهف:75)

قوله تعالى: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} هنا فيها لوم أشد على موسى، في الأولى قال: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ} وفي الثانية قال: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} يعني كأنك لم تفهم ولن تفهم، ولذلك كان الناس يفرقون بين الجملتين، فلو أنك كلمت شخصاً بشيء وخالفك فتقول في الأول: "ألم أقل إنك"، وفي الثاني تقول: "ألم أقل لك" يعني أن الخطاب ورد عليك وروداً لا خفاء فيه، ومع ذلك خالفت، فكان قول الخضر لموسى في الثانية أشد: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ}، فقال له موسى لما رأى أنه لا عذر له:

...

) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) (الكهف:76)

قوله تعالى: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي} أي امنعني من صحبتك، وفي قول موسى:

(فَلا تُصَاحِبْنِي) إشارة إلى أنه - عليه الصلاة والسلام - يرى أنه أعلى منه منْزِلة وإلَّا لقال: "إن سألتك عن شيء بعدها فلا أصاحبك".

(قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) يعني أنك وصلت إلى حال تعذر فيها، لأنه أنكر عليه مرتين مع أن موسى التزم ألَّا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكراً.

...

) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (الكهف:77)

قوله تعالى: {) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} ولم يعين الله القرية فلا حاجة إلى أن نبحث عن هذه القرية، بل نقول: قرية أبهمها الله فنبهمها.

(اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا) أي: طلبا من أهلها طعاماً.

(فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا)} ولا شك أن هذا خلاف الكرم، وهو نقص في الإيمان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ".

(فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) أي: أنه مائل يريد أن يسقط، فإن قيل: هل للجدار إرادة؟

فالجواب: نعم له إرادة، فإن ميله يدل على إرادة السقوط، ولا تتعجب إن كان للجماد إرادة فها هو "أُحُد" قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إنه: "يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" والمحبة وصف زائد على الإرادة، أما قول بعض الناس الذين يجيزون المجاز في القرآن: إنَّ هذا كناية وأنه ليس للجماد إرادة فلا وجه له.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير