ثم قال في تفسير قوله: " ثم بيان مرتبته عند الحاجة": " أي بيان رتبة الحديث من الصحة والضعف وغيرها إذا دعت الحاجة لذلك، فليس بيان المرتبة إذن شيئًا أساسيًا في التخريج، وإنما هو أمر متمم يؤتى به عند الحاجة إليه"< SUP> (2)
إلا أن العلامة الدكتور محمد أبو شهبة عرَّفه بقوله: " عزو الأحاديث إلى من ذكرها في كتابه من الأئمة وبيان درجتها من الصحة أو الحسن أ والضعف"< SUP> (3)
وعرَّفه الأستاذ صبحي السامرائي فقال: " هو عزو الحديث إلى مصدره أو مصادره من كتب السنة المشرفة وتتبع طرقه وأسانيده وحال رجاله وبيان درجته قوةً وضعفًا"< SUP> (4)
فالدكتور أبو شهبة والأستاذ السامرائي أدخلا في التعريف " بيان درجة الحديث من الصحة أو الحسن أو الضعف" دون تقييد (عند الحاجة) كما ذكر الدكتور الطحان.< o:p>
قلت: ومما يرجح قولهما على قوله أقوال المحدثين وواقع عملهم في كتب التخريج. < o:p>
قال العراقي في المغني مبينًا منهجه في التخريج: " اقتصرت فيه على ذكر طرق الحديث وصحابيه ومخرجه، وبيان صحته أو حسنه أو ضعف مخرجه فإن ذلك هو المقصود الأعظم عند أبناء الآخرة، بل وعند كثير من المحدثين عند المذاكرة والمناظرة، وأبين ما ليس له أصل في كتب الأصول"< SUP> (5)
وقال السيوطي: " العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث وسقيمه وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحًا وتعديلاً"< SUP> (6)
وقال المناوي متعقبًا أحكام السيوطي على أحاديث كتابه الجامع الصغير، إذ اكتفى في الحكم بالإشارة والرمز، قال: " كان ينبغي له- أي السيوطي- أن يعقب كل حديث بالإشارة بحاله بلفظ: صحيح أو حسن أو ضعيف في كل حديث، فلو فعل ذلك كان أنفع وأصنع ولم يزد الكتاب به إلا وريقات لا يطول بها، وأما ما يوجد في بعض النسخ من الرمز إلى الصحيح والحسن والضعيف بصورة رأس صاد وحاء وضاد فلا ينبغي الوثوق به لغلبة تحريف النساخ، على أنه وقع له ذلك في بعض دون بعض، فكان المتعين ذكر كتابة صحيح وحسن أو ضعيف في كل حديث.< o:p>
قال العلائي: من ذكر حديثًا اشتمل سنده على من فيه ضعف أن يوضح حاله خروجًا عن عهدته وبراءةً من ضعفه"< SUP> (7).
والمطلع على كتب التخريج يرى أن المخرجين يبينون درجة الحديث من حيث القوة والضعف، فمنهم من يبينه اختصارًا كما هو الحال في تخريج العراقي لأحاديث " إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، وتخريجه لأحاديث " المنهاج" للبيضاوي.< o:p>
ومنهم من يبينه تفصيلاً، بعد عرض لأقوال العلماء ومناقشتها، كما هو الحال في تخريج الحافظ الزيلعي لأحاديث" الهداية" للمرغيناني، وتخريج الحافظ ابن حجر لأحاديث " شرح الوجيز الكبير" للرافعي.< o:p>
وأهمية كتب التخريج تأتي أولاً من بيان حال الأحاديث المخرجة من الصحة والضعف، ويظهر تمكن مؤلف " التخريج" في الحديث روايةً ودرايةً، من بحثه في بيان درجة الحديث، من خلال استيفاء الكلام على طرقه، والكشف عن علله، والتحقيق في رجاله جرحًا وتعديلاً.< o:p>
ولذا فإن قول الدكتور الطحان: " ثم بيان مرتبته عند الحاجة" يرده قول المحدثين وواقع الحال في كتب التخريج التي ذكرت مرتبة الحديث بعد ذكر مخرجيه، إما نصًا، وإما إشارةً كذكر أحد رواته بالضعف، أو ما يشير إلى قبول الحديث أو رده< SUP> (8).
وعليه فيمكن القول في تعريف التخريج اصطلاحًا بأنه: " عزو الحديث إلى من رواه من أصحاب المصادر الأصلية مع ذكر طرقه ودراستها وبيان درجة الحديث".< o:p>
شرح التعريف: < o:p>
1. عزو الحديث، معناه: نسبة الحديث إلى من أخرجه من الأئمة، وله صورتان:< o:p>
الأولى: العزو الإجمالي، وذلك بأن يقتصر على مجرد الإحالة إلى من أخرج الحديث, أو ذكر اسم المصدر الذي يروى فيه الحديث، كأن يقال مثلاً: " أخرجه البخاري في صحيحه" أو " أخرجه الترمذي في سننه" أو " أخرجه الطبراني في معجمه" ونحو ذلك من العبارات، وهذه طريقة المتقدمين في الغالب، لاكتفائهم بذلك في معرفة موضع الحديث.< o:p>
¥