ثانياً: أن يكون التأليف فيما الناس بحاجة ماسة إليه، تُحل فيه بعض الإشكالات، أو تبين من خلاله الأخطاء والضلالات، أو تقرر فيه ما يخشى اندراسه من أولى المهمات، كتقرير التوحيد وتصحيح العقيدة، وهذا من أهم عوامل قبول الناس لـ (كتاب التوحيد)، علاوة على الإخلاص.
ثالثاً: بناء المؤُلَّف على الكتاب والسنة، بمفهوم سلف الأمة، وعلى حسب ما يقرره أهل التحقيق من أهل العلم، وكل كتاب أو فتوى لا تُضَمّن فيهما الكتاب والسنة، ولا يبنى على القواعد الشرعية، والأصول المرعية فهو خل وبقل (31).
قال ابن تيمية رحمه الله: (فدين المسلمين مبني على إتباع كتاب الله وسنة رسوله وما اتفقت عليه الأمة، فهذه الثلاثة هي أصول معصومة، وما تنازعت فيه الأمة ردوه إلى الله والرسول، وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ويوالي عليها ويعادي غير النبي صلى الله عليه وسلم وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة يوالون على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون) (32) أ. هـ، ونقل ابن تيمية عن الجنيد: (علمنا هذا مبني على الكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشأن).
هذا هو الإخلاص وأثره على بقاء الذكر، وظهور ثمرة علم العالم، وهو مطلوب شرعاً في كل عمل وليس في التأليف والفتوى وطلب العلم فحسب، وإنما خصصت الحديث عن الإخلاص في التأليف والفتوى والدعوة وطلب العلم حثاً لطلاب العلم والعلماء عليه، ولتذكير كل مؤلِّف به إن رام لمؤلفه وعلمه النفع والبقاء، وهو عنوان هذا المقال؛ إذ هم من أحوج الناس إليه، ولم نقصد بالمقال تتبع أثر الإخلاص في كل عمل صالح سوى التأليف، فإن هذا مما يعجز الحال والوقت من استيعابه، والنماذج فيه قد لا تنحصر، وله وقفة خاصة مستقلة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
================================
(1) التمهيد لا بن عبد البر (1/ 86).
(2) التمهيد لا بن عبد البر (1/ 85).
(3) سير أعلام النبلاء (9/ 205).
(4) التمهيد (1/ 77).
(5) قال في معجم البلدان: صنْفٌ: بالفتح ثم السكون، موضع في بلاد الهند أو الصين ينسب إليه العُودُ الصنفيُ الذي يتبخر به وهو من أردء العود لا فرق بينه وبين الخشب إلا فرقاَ يسيراً.
(6) يبدو أنها بلدة قديمة كانت في المغرب العربي، ولم أجد لها ذكر في معاجم البلدان.
(7) مقدمة ابن خلدون (7/ 684).
(8) سير أعلام النبلاء (18/ 203).
(9) سير أعلام النبلاء (8/ 85).
(10) العلل الواردة في الأحاديث النبوية (12/ 246).
(11) سير أعلام النبلاء (9/ 225).
(12) صيد الخاطر ص 122
(13) الرسائل ص 127
(14) تاريخ مدينة دمشق (43/ 46).
(15) قواعد التحديث ص52.
(16) تاريخ مدينة دمشق (51/ 365).
(17) تاريخ مدينة دمشق (51/ 365)، وتاريخ بغداد (14/ 254).
(18) تاريخ مدينة دمشق (51/ 365).
(19) سرد ابن القيم في الطرق الحكمية روايات الإمام أحمد الواردة في ذلك، ثم وجه رأي الإمام أحمد، وفصل القول في المسألة، فليراجع ص401.
(20) أنكر الذهبي أن تكون هذه الرسالة من تأليف الإمام أحمد، والصواب عكس ذلك، كما هو مسند عنه في الطبقات لابن أبي يعلى، وقد أشار لذلك الشيخ بكر أبو زيد في المدخل المفصل.
(21) تهذيب الكمال (1/ 467)، والبداية والنهاية (10/ 342)، وسير أعلام النبلاء (11/ 340).
(22) البداية والنهاية (10/ 342)، ولشيخ الإسلام تعليق على عبارة أحمد يرجع إليها في مجموع الفتاوى (4/ 11).
(23) شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/ 31) وقد تكلم الشراح في سبب تصدير البخاري صحيحه بهذا الحديث مع أنه يخالف الترجمة ظاهراً "باب كيف كان بدء الوحي" فراجع شروح صحيح البخاري، ومنها فتح الباري لا بن حجر وعمدة القاري للعيني، وغيرهما
(24) مجموع الفتاوى (3/ 124)، (8/ 329)، (5/ 515)، (8/ 76)، (8/ 379).
(25) درء تعارض العقل والنقل (4/ 15).
(26) ينظر: إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ص14
(27) فتح المجيد ص5
(28) حاشية كتاب التوحيد ص3
(29) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ص13 - 15
(30) إعلام الموقعين (4/ 199 - 200).
(31) أصل هذه العبارة لشعبة قالها في كل حديث يروى بدون سند رواها الخطيب في الكفاية عن أنه كان يقول: «كل حديث ليس فيه حدثنا وأخبرنا فهو خل وبقل».
(32) مجموع الفتاوى (20/ 164).
http://www.dorar.net/art/193
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[20 - 03 - 09, 02:11 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[العوضي]ــــــــ[23 - 05 - 09, 12:32 م]ـ
وإياك أخي الكريم