تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو مصطلح حديث من وضْع العالِم الفيلولوجي الفرنسي ألفونس دان A.Dain، أو شارل سمران [18] Ch.Samaran، وتعْريفهم هذا لعِلْم المخطوطات عند القدماء يحتاج إلى توثيق للنُّصوص التي استخدم القدماء فيها هذا المصطلحَ دالاًّ على علم أو صناعة، وهو ما لا أعلم له وجودًا.

نعم، قد يصحُّ شيء من ذلك في مصطلح (الوراقة)، حيث يستوسع ابن خلدون (المتوفَّى سنة 808هـ)، فيجعلها شاملة "للانْتِساخ والتصحيح والتجليد، وسائر الأمور الكُتبيَّة، والدواوين" [19]، بينما يقصرها ابن الحاج (المتوفَّى سنة 737 هـ) [20] على صناعة الورق، وبعضهم يقتصر مفهومُها عنده على النساخَة [21].

والذي أراه في هذه المسألة: أن مصطلح (علم المخطوط العربي) قابلٌ لتحمُّل جميع ما يتَّصل بالمخطوط العربي من علومٍ وقضايا [22]، وأن قصره على الدراسة المادية للمخطوط، والتزام مفهوم الترجمة الحرفية للمصطلح الغربي (كوديكولوجيا) غير مُلْزم لنا، وأنه وإن استخدمه بعضُ الباحثين العرب، فإنه مما يحتمل النقاش، والقبول والرَّد؛ إذْ لا مشاحة في الاصطلاح، كما قال القدماء.

وأما دراسة الكيان المادي للمخطوط، فأرى أن مصطلح (صناعة المخطوط) مناسِب له، وأنه بديل جيد عن استعارة لفظ (كوديكولوجيا)، هذا بينما استحدثَ الدكتور/ قاسم السامرائي، بديلاً آخر عن مصطلح (كوديكولوجيا)، أسماه: (علم الاكْتِناه العربي الإسلامي)، ودَمَج معه ما يعرف في الغرب بالـ (باليوجرافيا)، ويحدد مفهومه للعلم بما مفاده [23]: وعلم الاكتناه يشمل فَنَّيْنِ معروفَيْن في اللغات الأوربية:

أولهما: باليوغرافي ( Palaeography )، وهو علم يبحث في كلِّ ما هو مكتوب، أو منقوش، أو مرسوم، واختبار المواد المستعمَلة في هذه العمليَّات، وإخضاعها للتحليل والتركيب، ومن ثَمَّ استنباط النتائج منها ... ومع كلِّ هذا فهو فنٌّ يُعْنَى بفك الخطوط القديمة، ورموز الكتابات الأثَرية، والنقوش والمسكوكات.

وثانيها: كوديكولوجي ( Codicology): وهو علم دراسة الكتاب المخطوط أو صناعته، بما في ذلك صناعة الأحبار، وفن التوريق أو النساخة، والتجليد والتذهيب، وصناعة الرقوق والجلود والكاغد، وما يتبع كل ذلك من فُنون، وما يتصل بها، مثل: حجم الكراسة، ونظام الترقيم والتعقيبات، والسمَاعات، والقراءات، والإجازات، والمقابلات، وتَقيِيدات التملك، وتقييدات الوقف، وتقييد الختام، ثم يقول: وقد اشتققتُ من كل ما سبق من المعاني والدلالات مصطلحًا عربيًّا هو: (علم الاكتناه العربي الإسلامي).

? يُعَقِّب المؤلِّف (ص17) بعد سرْد ما اقترحه من محاور علم المخطوط العربي، بقوله: "وأنا أعرف أن جدلاً قد يثور حول محور أو أكثر من تلك المحاوِر، وهو جدل أُرَحِّب به وأحمده لأهله؛ لأنه يمكن أن يثري هذه الدراسة"، واستجابة للمؤلف فإنَّه بعد اعتباري لعلوم المخطوط العربي الإسلامي وقضاياه، حاولْتُ تقسيم هذه العلوم الفرعية إلى: وسائل وغايات، فكان هذا التقسيم:

الغايات:

? الحفظ.

? التوثيق.

? التقييم.

? التحقيق.

الوسائل:

? صناعة المخطوط.

? النصوص المُصاحبة.

? الترْميم.

? الفهْرسة والضبْط الببليوجرافي.

? الإتاحَة.

فأشرفُ ما في المخطوط، هو مادتُه ومضمونه، وما يَحْتَويه من فِكْر ومعرفة، هي خلاصة حضارة الأمة، وسجل عقائدها وشرائعها وأخلاقها، ومخزون تجارِبها ومنْجزاتها، وعلَيْه فإنَّ أسمى غايات علْم المخطوط، هو توفير النصوص المخطوطة للقرَّاء والباحثين صحيحةً موَثَّقة، وهذا ما يتعَرَّض له (علم التحقيق)، فهو غايةُ الغايات، و (التوثيق) يتَضَمَّن التحقيق لغةً واصطلاحًا، فوثَّقْتُ الشيء؛ أي: أحكمتُهُ [24]، و"حققت الأمر وأحققته: كنتُ على يقين منه" [25]، وغاية التوثيق - كما قرَّر المؤلِّف - هي الثقة في النَّص، والتحقيق اصطلاحًا: هو قراءةُ النص "على الوجه الذي أراده عليه مؤلِّفُه، أو على وجْه يقرب من أصلِه الذي كتبَهُ عليه مؤلِّفُه؛ فالتحقيق إثبات القضيَّة بدليل" [26].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير