6 - الفهْرَسة والضبط الببليوجرافي.
7 - التوثيق والتقييم والتحقيق.
وانطلاقًا مما سبق؛ فإنه بإمكاننا تعريف علْم المخطوط الإسلامي بأنَّه: "العلم الذي يدرس ما يتعلَّق بالكتاب الإسلامي المخطوط، مادَّة ومضمونًا، حفْظًا وإتاحةً وتاريخًا".
?وفي تمهيده (ص7): تناوَل المؤلِّف - كما بينَّاه - أَوْجُهَ القصور - حسب ما ارْتَآه - في المؤلَّفات الأربعة التي حاولتْ تأصيل علم المخطوط العربي، فينعَى على أحدِها تناوُلَه لموضوع المكتبات الإسلامية وهواة الكُتُب، معتبرًا إياه "خارج إطار المخطوط العربي وعلم المخطوط"، على أني أرى أن الإلمام بتاريخ المكْتبات القديمة - لا سيما في الجوانِب التي يُعْنَى بها علم المخطوطات - من صمِيم الدرس التاريخي للمَخْطوط العربي؛ إذ إنَّ تلك المكْتبات كانت الأماكنَ التي حفظتْ هذه المخطوطات وأتاحتها للقرَّاء؛ بل كثيرًا ما كانت تُتَّخذ لأعمال الوراقة، حسب مفهوم ابن خلدون؛ هذا بشرْط عدم التزيد في التناوُل، وإنما يتعرض لتأريخ ما يتَّصل بالمخطوط، على أن يكون التوسُّع في المصادر الخاصَّة بتاريخ المكتبات العربية، بوصفه فرعًا تاريخيًّا وحضاريًّا، ولعل هذا ما دعا المؤلِّفَ في كتابه إلى الإشارة إلى انتشار المكتبات، ونشاط أسواق الكتب [29]، بينما توسَّع في الحديث عن المكتبات العامة والخاصة، وعن شغف العرب بالقراءة، في كتابٍ آخرَ له هو "المخطوط العربي" [30]، وذلك من خلال حديثِه عنْ حرَكة التأليف والترجمة، وإني أرى أن هذه الموضوعات وأشباهها تُساعد على تصوُّر تاريخ المخطوط العربي وتطوُّره، والله أعلم.
وفي حديثه عن صناعة المخطوط تناوَل المؤلِّف العناصرَ المادية للمخطوط - كما بينَّا - وقد تعارفتِ الدراساتُ المادية للمخطوط على تناوُل عناصرَ أخرى؛ منها [31]: حجم الكراسة، والترقيم والتعقيبات، والعلامات المائية ... إلخ، إلا أن المؤلف آثَر الاكتفاء بأهم العناصر، في إطار منهجه في الإيجاز.
ولم تنلْ بعضُ المكونات المادية للمخطوط حظًّا وافيًا في تناوُل المؤلِّف؛ ففي حين تناول المواد التي يُكتب عليها، وفصَّل في أنواعها وتطورها تفصيلاً مقبولاً، اكتفَى بالإحالة إلى المصادر والمراجع فيما يتَّصل بالمداد وصنعة التجليد، هذا بينما خلا الفصلُ من الكلام عن الخطوط، مع أنها من أهم مباحث العلم - كما صرَّح - وإن كان قد أشار إلى أنه سيَتَحَدَّث عنها [32].
أما فنون المخطوط، فكنا نأمل من المؤلِّف الفاضل أن يفصِّل فيها القول، وأن يوقفنا على ما تقدِّمه للمتَخَصِّص في المخطوطات من توثيق أو غيره، بالإضافة إلى ما تقدِّمه للفنان ومؤرخ الفن، لا سيما وقد نَبَّه إلى أنه لا يكفي للمُفَهرِس أن يقول: إن بالنسخة زخارفَ مُلَوَّنةً ومذهَّبة، دون تحديد هذه الزخارف وأشكالها [33]، وهي مسْألة تحتاجُ إلى تفصيل وتمثيل؛ ليَتَّضِح المطلوب من المفَهْرس.
? وأمَّا فصل التوثيق والتقييم، فهو بحث جدير بالإعجاب، لا سيما مبحث التقييم، الذي يُعَدُّ مبحثًا رائدًا في بابه، وإني أرجو من المؤلف الكريم أن يُتْحِفَنا في طبعةٍ قادمة من الكتاب ببَسْط القَوْل فيه، وأن يعرض لتطبيقات تقْييم النُّسَخ، وتحديد منازلها، ودراسة تواريخ النَّسْخ والمعارضة، وعلاقات النُّسَخ بعضها ببعض.
? في (ص117): يرى المؤلِّف أن الهدف الرئيس من تصوير المخطوطات هو الحفاظ على الأُصُول الخطيَّة، وتداول المصوَّرات بين الباحثين، بدلاً من النسخ الأصلية، وكذلك توفير الحيِّز في بعض المكتبات، وأُشير إلى أنه يدخل ضِمْن هدفِ الحفاظ على الأُصُول: توفير نسَخ بديلة من الأصول تحسُّبًا لتلفِها أو فَقْدها، وهذا يَتَحَقَّق أفضل ما يتَحَقَّق في التصوير الرقمي.
? والرأي عندي في مسألة إتاحة المخطوطات الأصلية للباحثين، أن تكونَ القاعدة أنه لا يسمح للباحث بمباشَرة المخطوط الأصلي، إلاَّ تحت رقابة مباشِرة من المسؤول، بعد تزويدِه بالإرشادات اللاَّزمة، وهذه المباشَرة ليستْ للقراءة والاطِّلاع، وإنما لاعتبار النسْخة وتاريخها، والاستيثاق من النُّصوص المشكلة، وأمَّا المتَخَصِّص في علْم المخطوطات - لا سيما صناعة المخطوط - فيجب أن يُعطى وضعيَّة خاصَّة، ولعل هذه المسألة تُنَبِّه إلى ضَرُورَة الإسْراع في صياغة ترتيبات تنظيميَّة لحفْظ المخطوطات وإتاحتها، تتَّفق عليها
¥