ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[30 - 11 - 07, 05:07 ص]ـ
حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ما تصنع بالشيطان إذا سول لك الخطايا؟
قال: أجاهده.
قال: فإن عاد؟
قال: أجاهده.
قال: فإن عاد؟
قال: أجاهده.
قال: هذا يطول أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع؟
قال: أكابده وأرده جهدي.
قال: هذا يطول عليك، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك.
تلبيس أبليس (47)
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[01 - 12 - 07, 01:20 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[01 - 12 - 07, 02:23 ص]ـ
الأخ الفاضل محمد عامر ياسين: وجزاك الله مثله، وبارك في سعيك، أسعدني مرورك،
نقل الإمام الذهبي - رحمه الله - تاريخ الإسلام (20/ 319) قصة الرحلة (المكوكية!) للإمام العلم بقي بن مخلد الشيباني - رحمه الله - فقال:
ونقل بعض العلماء من كتاب حفيده عبد الرحمن بن أحمد بن بقيّ: سمعت أبي يقول:
رحل أبي من مكّة إلى بغداد، وكان جلَّ بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل.
قال: فلمّا قربت بلغتني المحنة، وأنّه ممنوع. فاغتممت غمّاً شديداً، فأحللت بغداد، واكتريت بيتاً في فندق، ثمّ أتيت الجامع، وأنا أريد أن أجلس إلى النّاس، فدفعت إلى حلقةٍ نبيلة، فإذا برجلٍ يتكلَّم في الرجال، فقيل لي: هذا يحيى بن معين.
ففرجت لي فرجةً، وقمت إليه، فقلت: يا أبا زكريّا - رحمك الله - رجل غريب ناءٍ عن وطنه، يحبُّ السُّؤال فلا تستجفني.
فقال: قل.
فسألته عن بعض من لقيته، فبعضاً من لقيته، فبعضاً زكّى، وبعضاً جرَّح.
فسألت عن هشام بن عمّار، فقال لي: أبو الوليد صاحب صلاة دمشق، ثقة وفوق الثقة، ولو كان تحت ردائه كبراً ومتقلداً كبراً ما ضرّه شيئاً لخيره وفضله.
فصاح أصحاب الحلقة: يكفيك - رحمك الله - غيرك له سؤال.
فقلت - وأنا واقف على قدميّ -: أكشفك عن رجلٍ واحد: أحمد بن حنبل!!!
فنظر إليَّ كالمتعجّب، وقال لي: ومثلنا نحن نكشف عن أحمد بن حنبل: ذاك إمام المسلمين، وأخبرهم وفاضلهم.
فخرجت أستدلّ على منزل أحمد، فدللت عليه. فقرعت بابه، فخرج إليَّ، فقلت: يا ابا عبد الله رجل غريب نائي الدّار، وهذا أول دخولي هذا البلد، وأنا صاحب حديث، ومقيَّد بسنّة، ولم تكن رحلتي إلاّ إليك.
فقال: أدخل الأسطوانة، ولا يقع عليك عين. فدخلت.
فقال لي: وأين موضعك؟
قلت: المغرب الأقصى.
قال: إفريقيّة؟
فقلت له: أبعد من إفريقيّة، أجوز من بلد البحر إلى إفريقيّة، الأندلس.
قال له: موضعك لبعيد، وما كان شيء أحبُّ إليَّ من أن أحسن عون مثلك، غير أنيّ ممتحن بما لعلّه قد بلغلك.
فقلت له: بلى، لقد بلغني، وهذا أوّل دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإذا أذنت لي أن آتي كلَّ يوم في زيّ السّوّآل، فأقول عند الباب ما يقوله السّائل، فتخرج إلى هذا الموضع، فلو لم تحدثني كلّ يوم إلى بحديث واحد لكان لي فيه كفاية.
فقال لي: نعم على شرط أن لا تظهر في الحلق، ولا عند المحدِّثين.
فقلت: لك شرطك.
فكنت آخذ عوداً بيدي، وألف رأسي بخرقةٍ مدنسَّة وآتي بابه، فأصيح: الأجر - رحمكم الله - والسُّؤال هناك كذلك، فيخرج إليَّ، ويغلق الباب، ويحدّثني بالحديثين، والثلاثة، والأكثر، فالتزمت ذلك حتّى مات الممتحن له، وولي بعد إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حقّ صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسحٍ لي، ويقصّ على أصحاب الحديث قصّتي معه. فكان يناولني الحديث مناولةً، ويقرأه علي، وأقرأه عليه، يقول: ومرضت مرضة، ففقدني من مجلسه، فسأل عني، فعلم بمرضي، فقام مباشرة عائداً إليَّ، قال: فسمعت الفندق قد ارتج بأهله، وأنا أسمعهم يقولون: هو ذاك، أبصروه، هذا إمام
المسلمين مقبلاً، فبدر إليَّ صاحب الفندق مسرعاً، فقال لي: يا أبا عبد الرحمن! هذا أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمام المسلمين مقبلاً إليك، عائداً لك، فدخل، فجلس عند رأسي، وقد احتشى البيت من أصحابه فلم يسعهم؛ حتى صارت فرقة منهم في الدار وقوفاً، وأقلامهم بأيديهم، فما زادني على هذه الكلمات، فقال لي:
يا أبا عبد الرحمن! أبشر بثواب الله، أيامُ الصِّحِّةِ لا سُقمَ فيها، وأيامُ السقمِ لا صحَّة فيها، أعادك الله إلى العافية.
ثم خرج عني، فأتاني أهل الفندق يلطفون بي ويخدمونني ديانة وحسبة؛ فأحدهم يأتي بالفراش، وآخر باللحاف وبأطايب من الأغذية، وكانوا في تمريضي أكثر من تمريض أهلي لو كنت بين أظهرهم.
هذه القصة بتمامها، وقد انكرها الذهبي - رحمه الله - في سير أعلام النبلاء (0 13/ 293) فقال:
وهي منكرة، وما وصل ابن مخلد إلى الامام أحمد إلا بعد الثلاثين ومئتين، وكان قد قطع الحديث من أثناء سنة ثمان وعشرين، وما روى بعد ذلك ولا حديثا واحدا إلى أن مات، ولما زالت المحنة سنة اثنتين وثلاثين، وهلك الواثق، واستخلف المتوكل، وأمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية وغيرها، امتنع الامام أحمد من التحديث، وصمم على ذلك، ما عمل شيئا غير أنه كان يذاكر بالعلم والاثر، وأسماء الرجال والفقه، ثم لو كان بقي سمع منه ثلاث مئة حديث، لكان طرز بها " مسنده "، وافتخر بالرواية عنه. فعندي مجلدان من " مسنده "، وما فيهما عن أحمد كلمة ...
(قلت): فالله أعلم بحال عباده ... وله وحده الحمد كله،،،
(أيامُ الصِّحِّةِ لا سُقمَ فيها، وأيامُ السقمِ لا صحَّة فيها).
المعنى أن أيام الصحةِ لا يعرضُ المرضُ فيها بالبالِ، فتقوى عزائمُ الإنسانِ، وتكثر آمالُه، ويشتدُّ طموحُه.
وأيامُ المرضِ الشديدِ لا تعرضُ الصحةُ بالبالِ، فيخيِّم على النفسِ ضعف الأملِ، وانقباض الهمَّةِ وسلطان اليأس.
وقولُ الإمامِ أحمد مأخوذٌ من قولهِ - تعالى -: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ - وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ - إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}.
¥