ثم إن الحكومات نفسها تعلم الفرق بين الفائدة الربوية والفائدة الحلال، فعملوا لمعظم البنوك الحكومية فروعا إسلامية، فماذا يعني هذا؟!
أخي الحبيب: علم الله أننا لا نحب إطلاق الأحكام على أحد، فإننا نتمنى أن يصير كل الناس مسلمين ولو على أقل درجة من الإسلام، ولا يعنى هذا أن نميع الدين ونتأول لأصاحبه بما يردونه هم أنفسهم.
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[11 - 12 - 07, 05:39 ص]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
و بعد. . .
فالفرق إخواني الأفاضل، كما تعلمون، أن الرجل إذا قال الربا حلال يكفر بالإجماع، أما إن قال عن صورة من صور الربا ليست من الربا، فهل تكفرونه؟؟؟
من قال: نعم. أخطأ و طولب بالدليل القاطع.
أخي الحبيب: مطالبتك لنا بالدليل تقدمت، وسأزيدك، ولكن قبل الزيادة: أريد أن أسألك سؤالاً:
الأصل في كل صور الربا أنها حرام، فمن جاء بخلاف الاصل صار محلا للحرام ويأخذ أحكامه إلا لمن خرج بذلك لعذر الجهل أو التأويل، فمن الذي يُطالب بالدليل، الذي جاء على الأصل أم الذي خرج عنه؟!!!
ومع هذا أقول:
مما يعذر به المرء الفهم الخاطئ للنص، فيتأوله ـ ظاناً أنه قد أصاب مراد الشارع ـ تأويلاً خاطئاً بعيداً عن الصواب وناقضاً لمدلولاته.
وغالباً يحصل مثل هذا التأويل الخاطئ في الأمور الخفيفة، والصعبة من جهة الإعراب وغير ذلك، ويكون العلم فيها غير ظاهر أو معروف بين عامة الناس .. أو بسبب أن النص يحتمل أكثر من فهم وتفسير .. أو بسبب تقديم المتشابه على المحكم ..
أما من كان تأويله الخاطئ من نوع لا يحتمله النص من أي وجه من الوجوه، وكذلك لا تحتمله معاني اللغة .. ولا معاني الشريعة؛ كتأويلات الباطنية الغلاة: حيث أولوا الصلوات الخمس إلى خمسة أسماء يقولونها: علي، وحسن، وحسين، ومحسن، وفاطمة.
وصيام رمضان قالوا: هو كتمان أسرارهم .. وأسرار شيوخهم وطائفتهم وعقيدتهم .. !
وحج بيت الله الحرام: قالوا المراد به زيارة شيوخهم ومزاراتهم .. !!
فهذا النوع من التأويل كفر وزندقة لا تحتمله معاني الشريعة .. ولا المعاني اللغوية للنصوص .. لا يعذر صاحبه بالجهل أو التأويل بأي حال، بل يوقعه في الكفر والزندقة ولا بد .. !
فإن قيل: ما حدود التأويل المستساغ .. ومتى يرقى التأويل بصاحبه إلى درجة الكفر والمروق .. ؟
أقول: لا يوجد حد ثابت للتأويل المستساغ بحيث يمكننا من القول بأن كل من خرج عن هذا الحد فتأويله غير مستساغ .. ولا يمنع عنه لحوق الوعيد والتكفير .. وكل من كان داخل هذا الحد فتأويله مستساغ ومقبول!
فما كان تأويله مستساغاً لشخص قد لا يكون مستساغاً لشخص آخر بحكم ما لدى كل واحدٍ منهما من العلم .. أو الشبهات أو الاعتراضات المحتملة .. وبحسب المسألة وما يكتنفها من غموض أو إشكالات .. فقد تكون معلومة لشخص فلا يُعذر بالتأويل .. ومجهولة لشخص فيعذر بالتأويل .. !
ولكن يمكن القول أن التأويل المعتبر له ـ في الغالب ـ قرائن تدل عليه: كأن يكون التأويل الخاطئ محتملاً من حيث الدلالات اللغوية للخطاب .. ومن حيث انسجامه مع كليات وأصول الشريعة .. أو أن يكون معتمداً في تأويله على نصوص مرجوحة أو منسوخة لا يعرف النصوص الراجحة أو الناسخة .. أو عامة لا يعرف مخصصها .. أو مطلقة لا يعرف مقيدها .. فالتأويل الخاطئ المحفوف بمثل هذه القرائن في الغالب يكون تأويلاً مستساغاً وصارفاً للكفر عن المرء لو وقع في الكفر بسببه .. ويقوي ذلك ويُضعفه القرائن المحيطة بالمتأول ذاته .. هل الأصل فيه تتبع المتشابهات وتقديمها على المحكمات .. وهل يُعرف عنه شيء من تأويلات الزنادقة الغلاة أم لا .. وهل يُعرف عنه تحكيم العقل على النقل .. وهل يُشتهر عنه أنه من أهل البدع والأهواء .. أم أن أصوله سنية سلفية .. لكنه كبا وزلّ .. وأيهما أكثر صوابه أم خطؤه .. وهل خطأه مقصوداً لذاته أم هو من قبيل الاجتهاد الخاطئ .. هذه الأمور وغيرها كلها معتبرة عند تحديد المعذور بالتأويل من غيره ممن لا يُعذر .. !
¥