أحببت أن أوضح هذه النقطة؛ لأنه اتصل بي قبل شهر إحدى الأخوات تقول: يعني هل يصح أن ننكر الانتساب إلى منهج السلف، وأن نقول: فلان - إذا قال: سلفي - ننكر عليه قولَه: إنه سلفي؟
فعياذا بالله! كيف هذا؟
قالت: هناك من يقول: لا تقولوا هذا؛ فإنه غير صحيح.
الجواب:
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
فلننتبه لهذا. هذا أمر.
الأمر الثاني: الأدلة على فضل السلف على فضل الخلف: أدلة من القرآن، والسنة، والإجماع.
فمن القرآن قول الله – تبارك وتعالى – ? وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ?] التوبة: 100 [.
وقوله - جل وعلا - ? وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ?] النساء: 115 [.
ويقول تبارك وتعالى ? أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ?] الأنعام: 90 [.
ويقول - تبارك وتعالى - ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ?
] الزمر: 18 [.
ولا شك أن أحسن القول بعد الكتاب والسنة = هو قول السلف الصالح.
وأما السنة فمنها قول النبي – صلى الله عليه وسلم – (عليكم بسنة وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) (3).
وثناؤه على الصحابة في آخر سورة الحشر؛ ثم ذكر الآية بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار قال: ? وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ?] الحشر: 10 [.
وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – (إن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) (4).
ولا شك أن الإحداث إنما يطلق على ما خالف منهج السلف الصالح؛ سواء كان: قولا، عملا، أو اعتقادا.
وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – أيضا –: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) (5).
وقد جاءت النصوص على أنه ما يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه؛ ولذلك يقول حذيفة: (عليكم بالعتيق) (6).
ويقول عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه –: (من كان مستنا فليستن بمن قد مات) (7) – يعني من مضى من السلف.
وفي رواية: (فليستن بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهم أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا؛ وهم على الهدى المستقيم) (8).
ويقول – رضي الله عنه –: (اتبعوا ولا تبدعوا فقد كفيتم) (9).
ولعل في هذا كفاية لمن تدبر.
و قبل أن ندخل في صلب الكتاب نقول:
لماذا يتبع مذهب السلف؟
أو لماذا يفضل علم السلف على علم الخلف؟
أولا: قرب عهدهم من النبوة؛ فمظنة وقوعهم في الخطأ أقل.
ثانيا: ما تقدم من النصووص التي ذكرنا بعضا منها في بيان فضلهم.
ثالثا: ورعهم، وزهدهم.
رابعا: صدقهم وتحريهم للصواب.
خامسا: عدم جرأتهم على القول على الله بغير علم، كما هو حال بعض الخلف، ووقوفهم عند النصوص الشرعية، ولزومهم للسنة.
سادسا: أنه كلما العهد متقدما = كان الوقوع في الزلل أقل.
وهناك أمور كثيرة تحتم على المسلم أن يلزم منهج السلف: عقيدة، وعبادة، وأحكاما، وأخلاقا، وآدابا، ومنهج حياة.
والآن نبدأ النص لكتاب الشيخ (فضل علم السلف على علم الخلف)
الْمَتْنُ
الحمد لله رب العالمين؛ وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: فهذه كلمات مختصرة في معنى العلم، وانقسامه إلى علم نافع، وعلم غير نافع، والتنبيه على فضل علم السلف على علم الخلف؛ فنقول - وبالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله -.
الشَّرْحُ
¥