تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال رحمه الله: [والتضحية أفضل من الصدقة بثمنها]: كونه يقول: سنة: السنة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أهدى عليه الصلاة والسلام كما ذكرنا إلى البيت، وتطوع في هديه، فجمع بين الهدي الواجب والهدي المسنون، ولذلك نحر بأبي وأمي -صلوات الله وسلامه عليه- ثلاثا وستين بدنة في حجة الوداع، وأمر عليا رضي الله عنه أن ينحر ما بقي من الإبل تمام المائة، وهذا يدل على أنه يجوز ويشرع أن يهدي الإنسان للبيت. فالواجب عليه -عليه الصلاة والسلام- الدم الذي ساقه معه، وأما ما زاد على ذلك فإنه سنة، ومن هنا قالوا إن الهدي سنة.

وأما الأضحية سنة بقوله -عليه الصلاة والسلام- وفعله أما قوله فأحاديث منها قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح أخرى مكانها)) وقوله -عليه الصلاة والسلام- حينما سأله أبو بردة -رضي الله عنه وأرضاه- قال له عليه الصلاة والسلام: ((تجَزيك ولا تَجزي غيرك)) وكذلك أيضا الفعل حيث إنه عليه الصلاة والسلام فعل الأضحية، فضحى عليه الصلاة والسلام بنفسه، وتولى الأضحية بنفسه -صلوات الله وسلامه عليه-.

قال رحمه الله: [والتضحية أفضل من الصدقة بثمنها]: إذا كان عند الإنسان مال يكفيه لشراء أضحية سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم فهل الأفضل أن يتصدق بهذا المال أو الأفضل أن يضحي؟ هذا مبني على أن الأضحية غير واجبة. أما إذا قلنا إنها واجبة فلا إشكال؛ لأن التصدق نافلة والتضحية واجبة، والواجب أفضل من غير الواجب بإجماع العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى في الحديث القدسي ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))، وأجمع العلماء على أن الواجبات أفضل من غير الواجب، فلو صلى ركعتي الفجر فإنها بالإجماع أفضل من كل ركعتين من النوافل، إذا ثبت هذا الكلام عند المصنف -رحمه الله- والخلاف في هذه المسألة مبني على القول بعدم وجوب الأضحية، فهل الأفضل أن يتصدق بالثمن أو يضحي؟ هذا راجع إلى مسألة المفاضلة والمفاضلات بابها ينبغي ضبطه بالكتاب والسنة؛ لأنه لا يجوز لأحد أن يفضل قولا ولا عملا إلا بنص شرعي؛ لأن التفضيل راجع إلى حكم الشرع، فلا يستطيع أحد أن يقول إن هذا أفضل إلا إذا كان أكثر ثوابا وأعظم منزلة وقربة لله - Y- ، وهذا أمر غيبي يفتقر إلى ورود النص، ومن هنا تكلم العلماء على قواعد المفاضلة في الأقوال والأعمال، ثم المفاضلة تكون بين الأركان وتكون بين الواجبات وتكون بين المستحبات والمسنونات، ثم تكون بين المؤقت وغير المؤقت إلى غير ذلك مما هو معلوم في قواعد الفقه وما بحثه العلماء في هذا الباب. فمسألة التصدق بالمال قال بعض العلماء: التضحية أفضل من الصدقة بالمال بمعنى أنه إذا اشترى الأضحية وذبحها أو نحرها فهذا أفضل من أن يأخذ المال كله ويتصدق به.

وقال بعض العلماء: الأفضل أن يتصدق بالمال. أما الذين فضلوا أن يضحي فقالوا: إن هذه سنة مخصوصة بزمان مخصوص ووقت مخصوص، ففعلها في هذا الزمان المخصوص والوقت المخصوص يقتضي تفضيلها على أي شيء مطلق؛ ولذلك من قواعد العلماء: ((أن المقيد فيما قيد به أفضل من غير المقيد)) فمثلا أنت إذا كنت في عمل صالح وجاء عن الشرع النص بالقول والعمل يفضل قولا أو فعلا في هذا الوقت، وجاء نص يفضل قولا وفعلا في عموم الأوقات قُدّم المقيد ومن ذلك الصلاة على النبي - r- يوم الجمعة، حينما قال طائفة من العلماء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالإكثار منها يوم الجمعة أفضل من غيرها من النوافل، وهذا مبني على النص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فأكثروا علي من الصلاة فيه)) فجاء مقيدا بالزمان حتى اختلفوا وقالوا: الأفضل أن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنه أفضل من أن يكثر من تلاوة القرآن ليس معنى ذلك أن جنس الصلاة أفضل من جنس القرآن أبدا بإجماع العلماء على أن قراءة القرآن هي أفضل وأعظم أجرًا عند الله - U- لكنه لما ورد النص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتخصيص فُضّل، ومن ذلك: مسألة الاستغفار في الأسحار هل الأفضل أن يكثر من الاستغفار أو يقرأ القرآن في السحر في آخر السحر؟ قالوا إن الله أثنى على المستغفرين بالأسحار، فهذا ذكر مخصوص في وقت مخصوص يفضل للوارد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير