تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا راجع إلى قاعدة تقول: ((الوارد أفضل من غير الوارد)) هذا أمر بديهي لكن مراد العلماء أن الفضائل والمستحبات إذا وردت بخصوص زمان أو بخصوص مكان فإنها مفضلة للورود.

وجه هذا التفضيل: قالوا إنه إذا ضحى في يومه فإنه يصيب أجرين: الأجر الأول في كونه ضحى فإنه مال أنفقه وخرج عنه لله وفي الله وفي طاعة الله صدقة وقربة ثم يثاب من جهة المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مثل مسألة الصلاة بمكة ظهر اليوم الثامن وهو يوم التروية، فإن الحاج في اليوم الثامن السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصعد إلى منى، صعد وصلى اليوم الثامن الظهر بمنى، فعلى القول بأن التفضيل خاص بالمسجد نفسه وأن الصلاة بمائة ألف صلاة خاصة بالمسجد نفسه قالوا إنه لو كان بمكة وأمكنه أن يصلي الظهر في المسجد الحرام وأن يصليه في مسجد الخيف أو في مسجد منى فالأفضل أن يصلي في ذلك اليوم الظهر بمنى أو بخيفها؛ لماذا؟ لأنه وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم والاتباع يقتضي زيادة المرتبة وعلو الدرجة؛ لأن الله – I- جعل في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم شيء منحه وأعطاه لعباده هو الهداية، الهداية التي المسلم ولا يصلي صلاته ولا تقبل له الصلاة على الصحيح من أقوال العلماء أن الصلاة إلا بالفاتحة بعينها وهي مذهب الجمهور في كل صلاة وهو يقول: {اهدنا الصراط المستقيم} يسأل الله الهداية. جعل الله أعز شيء وأعظم نعمة وأفضل نعمة وهي نعمة الهداية في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {واتبعوه لعلكم تهتدون} فقالوا إن هذه المتابعة تقتضي المفاضلة، وعلى هذا فالأفضل أن يضحي، ولاشك أن التضحية متابعة للنبي - r- أفضل من الصدقة؛ لأن الصدقة عامة، والأضحية خاصة، لكن كل هذا كما ذكرنا على القول بعدم الوجوب.

أما مسألة الصدقات في عمومها بعض العلماء يقول قلنا بتفضيل الصدقة؛ لأن المسكين حينما يأخذ المال يملكه، وإذا ملكه صرفه في منافعه فكان أعظم رفقاً به حينما يأخذ اللحم؛ لأنه إذا ضحى وأعطاه اللحم فإنه قد جعل الانتفاع خاصا بالأكل، لكن حينما يعطيه المال جعل انتفاعه أكثر من الأكل، يستطيع أن يستخدم المال في طعامه وفي شرابه وفي قضاء دينه إلى غير ذلك فقالوا إنه لا يخصه بعمل معين، ومن هنا فضلوا إعطاء المال على التضحية، وهذا كله كما ذكرنا محله أن لا يكون هناك وارد.

قال رحمه الله: [والأفضل فيهما الإبل]: والأفضل في الهدي والأضحية الإبل؛ وذلك لأن النبي - r- قال: ((من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن)) فجعل مرتبة الإبل أفضل من مرتبة البقر، ومرتبة البقر أفضل من مرتبة الغنم، ومن هنا قالوا إن الإبل أفضل ما يهدى، وأفضل ما يضحى به؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل البعير مجزئا عن سبعة، فالجزور الواحد يجزئ عن سبعة، فلو أن سبعة أشخاص اشتركوا في شراء بعير وضحوا به أجزأهم، والشاة تجزي عن الرجل وأهل بيته؛ كما صح في حديث أبي أيوب -رضي الله عنه وأرضاه-، وعلى هذا لاشك أن الإبل أفضل، ولأن الإبل أكبر جسما، وكذلك أغلى ثمنا، ومن هنا كانت أفضل من البقر وأفضل من الغنم.

قال رحمه الله: [ثم البقر]: ثم البقر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الرواح في الساعة الثانية من الجمعة كمن ذبح بقرة وهذا فيه رد على من يقول من العلماء إن الإبل والبقر بمنزلة واحدة وهناك من يقول إن ا لإبل والبقر لا تفضيل بينهما إلا من جهة الصفات: أن تكون إحداهما أسمن أو أطيب لحما أو أحسن حالا وصفة في الكمال فحينئذ تفضل أما جنس الإبل والبقر فيجعلهما في مرتبة واحدة؛ ودليلهم أن النبيصلى الله عليه وسلم جعل الإبل عن سبعة وجعل البقر عن سبعة فدل على أنهما بمرتبة واحدة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير