تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ونقول: إن السنة دلت على أن البقر دون الإبل على ظاهر قوله: ((من راح في الساعة الثانية فكان كأنما قرب بقرة)) وكون الشرع يجعل الإبل عن سبعة والبقر عن سبعة لا يقتضي أنهما بمنزلة واحدة، فقد يكون المنزلة واحدة والتفضيل بالصفات كما لو كان أحد البعيرين أسمن وأوفر لحما والثاني دونه ويجزي فإننا نقول: إن كلا منهما يجزئ عن سبعة ولكن التضحية بهذا أفضل من التضحية بهذا، ولاشك أن الإبل أكبر وأوفر لحما من الغنم، وعلى هذا فيقدم الإبل على البقر.

قال رحمه الله: [ثم الغنم]: ثم الغنم والإبل بنوعيها: العراب، والبختية، والبقر بنوعيه: البقر، والجواميس، والغنم بنوعيه: الضأن، والمعز، فجعل الله - U- في الإبل زوجين ونوعين. فالإبل بالنوعين: العراب، والبختية، وأفضلها العراب، والعراب هي التي لها سنام واحد، والإبل البختية هي التي لها سنامان، وفضلت العراب؛ لأنها هي التي أهدى بها رسول الله - r- ، والبقر يفضل على الجاموس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر، وعلى هذا فإن البقر أفضل من التضحية بالجاموس؛ والجاموس يدخل في هذا بنوعيه، وكذلك بالنسبة للغنم فالضأن أفضل من المعز؛ لأن النبي - r- ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ولأنه أطيب لحما، وأكثر نفعا، ومن هنا قدم وفضل على المعز، ولذلك يجزي منه الجذع ويوفي مما يوفي منه الثني من المعز، وهذا يدل على أن شأن الضأن أفضل من شأن المعز وإن كان كل منهما يجزئ عن الرجل وأهل بيته.

قال رحمه الله: [ويستحب استحسانها واستسمانها]: ويستحب للمسلم إذا أراد أن يضحي أن يستسمن الأضحية وأن يستحسن. أما الاستسمان فهذا راجع إلى حال الكمال في صفة البهيمة إبلا كانت أو بقرا أو غنما، فالسمين منها أفضل وأعظم أجرا، ولذلك لما سئل عليه الصلاة والسلام عن أعظم البهائم أجرا عند الله - U- وهذا شامل للأضاحي والهدي قال: ((أنفسها وأغلاها ثمنا عند أهلها)).

أنفسها: والنفيس من كل شيء أفضله، والذي يعز وجوده، ولذلك السمين أنفس وأحب إلى أهله، وعلى هذا يعتبر من كرام المال، وقد تقدم معنا في الزكاة أن الساعي و الجابي لا يأخذ السمينة؛ لأنها كريمة مال، فمن كرام المال السمان، فأحسن وأفضل ما تكون الأضحية إذا كانت سمينة، وسمنها يزيد في لحمها، وزيادة في طيبها، وحينئذ يكون أعظم أجرا إذا تصدق بها؛ ولأن السمين أغلى ثمنا، وإذا كان أغلى ثمنا فهو أغلى كلفة ومشقة، فيكون أكثر ثوابا عند الله - U- ولذلك قال: ((أنفسها وأغلاها ثمنا عند أهلها)) ولاشك أن السمين كذلك.

والاستحسان: الاستحسان يكون في الصفات فإذا كانت حسنة الحال في شكلها وصفاتها فبعض البهائم تكون لها صفات محمودة من الإبل والبقر والغنم إلا أن هذا الاستحسان راجع إلى طيب اللحم، البهائم يستحسنها أهلها ويستطيبونها وتكون عزيزة عندهم على حسب المقاصد، فالبهمية إما مركوبة وإما محلوبة وإما مأكولة، فهذه مصالح الناس في البهائم: مركوبة فيما يركب كالإبل، فإنها تكون عزيزة في الرَّكوب إذا كانت على صفات معينة، وتكون كذلك حلوبا، فإذا أرادها للحليب فإنها تكون عزيزة وغالية عند أهلها بصفات معينة يعرفها أهل الخبرة، كذلك إذا كانت للأكل، فالاستحسان هنا من جهة الأكل أن تكون حسنة في حالها وصفاتها ومن جهة الأكل ومن جهة الصفة، فبين من جهة الأكل بقوله: سمينة بصفة السمن، والاستحسان في الشكل.

قال رحمه الله: [ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني مما سواه]: بعد أن بين رحمه الله حكم الأضحية والمفاضلة بين أنواعها يتبع هذا أن التضحية والهدي لا يكون إلا من هذه الثلاثة الأنواع: الإبل، والبقر، والغنم، فلا يضحي بغير هذه الثلاث، وهذا مذهب الجماهير من السلف والخلف رحمهم الله ومنهم الأئمة الأربعة فلا يضحي بدجاجة، ولا يضحي بمثلا غزال ولا يضحي بتيثل ولا وعل، فهذه كلها ليست بأضحية وليست محلا للأضحية؛ ولذلك خص النبي - r- المسن من بهيمة الأنعام، وهذا يخص الإبل والبقر والغنم، ونص الله U على اعتبار البهيمة يدل على أنه لا يكون إلا من هذا النوع، فإذا ثبت هذا فإنه لابد وأن يراعى في هذه البهائم سنا معتبرا يراعي سنا معتبرا فلا يجزئ ما نقص عن هذه السن، وهذا يعتبر من شروط صحة ا لأضحية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير