تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كذلك - أيضاً - أوصي بوصية ينبغي التنبه لها: وهي حقوق الأبناء في مثل هذه الأيام، فهي كلمة للآباء والأمهات أن يتقوا الله في الأبناء والبنات، فإن أيام الاختبار أيام عصيبة يكون فيها الطلاب في هم وغم فينبغي الرفق بهم والتوسعة عليهم، وإعانتهم وتيسير الأمور لهم، وتقوية صلتهم بالله عز وجل، وغير ذلك من الأمور التي ينبغي أن يسديها الوالدان إلى الولد في مثل هذه الأمور أو مثل هذه المواقف، وينبغي القيام بالواجب والمسؤولية، بعض الآباء لا يهمه أن يضبط ابنه العلم أو لا يضبطه، والله سائله عن ضبط ابنك للعلم؛ لأن تعلم الابن ومعرفته بأمور دينه وما يتصل بها من الأمور التي يحتاجها لحياته أمر مطلوب، فينبغي شحذ همم الأبناء والبنات وإعانتهم ومراجعتهم وتيسير الأمور التي تعينهم على الخير وبلوغهم لأفضل الغايات لأن هذا من النصيحة، فإن من نصحك لولدك قيامك عليه على هذا الوجه الذي يرضي الله عز وجل.

والكلمة الأخيرة إلى من ابتلاه الله بالتدريس: فأسأل الله العظيم أن يشكر سعيكم، وأن يعظم أجركم، وأن يجزيكم على أبناء المسلمين وبناتهم كل خير، فنعم ما يصنعه المعلم من كلمات طيبة وقد انتهى الآن نصف العام وولى، فأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح العمل، فلا يعلم مقدار ما يبذله المعلم والموجه لمن يعلمه إلا الله عز وجل، فالله أعلم كم تمر عليه من ساعات هم وغم ولو كان يُعَلِّمُ شيئاً من أمور الدنيا، فإن المسلمين بحاجة إلى طبيب، وبحاجة إلى مهندس، بحاجة إلى كل من يسد ثغور الإسلام ولو كانت في أمور الدنيا ما لم تكن محرمة، فالمعلم بقيامه بهذه المسؤولية على خير وهو مأجور عند الله عز وجل، فنسأل الله أن يتقبل منا ومنكم.

والوصية التي يوصون بها: الرفق بالطلاب، وإحسان الظن بهم، وعدم التشويش عليهم، وعدم التضييق عليهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم من ولي من أمور أمتي شيئًا فرفق بهم فاللهم ارفق به، ومن ولي من أمور أمتي شيئًا فشق عليهم فاللهم اشقق عليه)) بعض المدرسين يأتي بأسئلة تعجيزية، وبعضهم يحاول أن يضيق على الطلاب، وكأن الاختبار شيءٌ من المنافسة والأذية والإضرار، وهذا لا يجوز، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا ضرر ولا ضرار)). رفقًا رفقًا بأبناء المسلمين وبناتهم، ولنتق الله في هذا الابن الذي يأتيك موتر الأعصاب شارد الذهن مهمومًا مغمومًا مكروبًا، ولربما يسهر ليله ويتعب نفسه، فينبغي الرفق بمثل هؤلاء خاصة وأنهم ذرية ضعيفة، فإن الله سمى الأطفال خاصة صغار السن سماهم ذرية ضعيفة، فمثل هؤلاء يرفق بهم وعدم التشويش عليهم، وأيضًا عدم سبهم وشتمهم واحتقارهم. بعض المعلمين إذا رأى التقصير من الطالب سبه وشتمه وأهانه بل ربما ضيق عليه، ربما يخرج هذا الطالب بهمّ وغم يبقى معه دهره كله، ولربما يصاب بمرض في نفسه أو في عقله، وهذا لا يجوز لا ينبغي هذا، هؤلاء أمانة والله سائلنا عنهم، فينبغي الرفق بهم والإحسان إليهم وأخذهم بالتي هي أحسن، وإذا كنت في المدرسة ورأيت من يشدد فذكره بالله عز وجل وذكره أن حوله بحول الله وأن قوته بقوة الله عز وجل، ولذلك لما ضرب أبو مسعود-? وأرضاه- أغضبه غلامه وهو يملكه ملك اليمين، قال: أغضبني فضربته ضرباً شديداً فسمعت صوتاً من ورائي لم أستطع أن أتبينه من شدة الغضب، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: ((اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام)). اعلم أبا مسعود أن الله قادر عليك، اتق الله في هذا الضعيف، فلذلك ينبغي أن يتقي الله الإنسان في أبناء المسلمين وبناتهم، هؤلاء أمانة ينبغي أن نعيش نفسياتهم والضيق الذي هم فيه والكرب، فإن الله عز وجل يرحم من عباده الرحماء، وفي الحديث: ((من لا يَرحم لا يُرحم)) نعم، لا نسوي بين الخامل وبين المجد، يستطيع المدرس الموفق الناجح أن يعطي كل ذي حق حقه، وأن يزن بالقسطاس المستقيم هذا لاشك، لكن بطريقة ليس فيها إضرار بأمثال هؤلاء الضعفة،ينبغي الإحسان إليهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير