تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أيضًا الشدة المبالغة فيها تنفر ولو كان المعلم يدرس أفضل العلوم، وأفضلها وأحسنها فإنها تنفر، ولربما يكره بعض الطلاب كتاب الله عز وجل -والعياذ بالله- لصغرهم وجهلهم بسبب الأذية والإضرار، ينبغي تهيئة ما يعين الطلاب على بلوغ هذه الغايات الطيبة.

ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجيرنا وإياكم من امتحان الآخرة، فينبغي علينا أن نتذكر في مثل هذه المواقف حينما يدخل الطالب إلى الاختبار وقد هيئت له الأمور فكيف إذا قدم على الله عز وجل في يوم تشخص فيه الأبصار، ولاشك أن الإنسان الموفق من فكرة إلى فكرة ومن عبرة إلى عبرة، فاختبار الدنيا يذكر باختبار الآخرة، ويا للعجب أن تجد الآباء والأمهات مشفقين على الأبناء والبنات وهم يذهبون إلى الاختبارات والأكف ترفع بالدعوات ولا يبالي الأب بابنه حينما يصير إلى الله-جل وعلا- في الامتحان الأكبر، ومن منا سأل الله لنفسه وأولاده أن يجيره الله من عذاب الآخرة، فإن الامتحان كل الامتحان الآخرة هنا إذا لم ينجح ينجح في دور ثان، ولكن هناك إذا فرق بين الأب وابنه فراقًا لا لقاء بعده أبدًا {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}

ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجيرنا من هول يوم الوعيد، وأن يؤمننا من سطوة ذلك اليوم الشديد، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأن يتقبل منا ومنكم صالح العمل إنه ولي ذلك والقادر عليه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: كما تعلمون فإن الامتحانات قد قرب موعدها فهلا تفضلتم بوصية في ذلك. والله يرعاكم؟

الجواب:

أما الوصية الأولى فأوصي نفسي وإخواني بتقوى الله عز وجل، ومن اتقى الله جعل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، أصلح له أمور دينه ودنياه، وانتهت أموره إلى خير وما خرج الإنسان بشيء أحب إلى الله ولا أكرم عليه من تقواه –سبحانه-؛ لأنها قائمة على أساس الدين، وهو إخلاص العمل لله عز وجل قال-تعالى-: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}.

والوصية الثانية: فأوصي إخواني طلاب العلم أن ينتبهوا للحقوق والواجبات، ومن أعظم هذه الحقوق إرادة وجه الله عز وجل فيما يطلبون من العلم، فإن العلم لا يراد للدنيا، وإنما يراد لوجه الله، فيخلص الإنسان لوجه الله وما ينال من فضل الدنيا يجعله تبعاً لا أساساً. ومن الحقوق الواجبة: حقوق النفس، فبعض طلاب العلم يسهرون ويحمّلون النفس ما لا تطيق، فتجده يسهر إلى ساعات متأخرة من الليل، فربما تفوته صلاة الفجر، وكذلك أيضا ربما يصاب بمرض أو يضنى جسمه، فقد قال-عليه الصلاة والسلام-: ((إن المنبتّ لا ظهرا أبقى ولا أرضاً انقطع)) فكم من أناس حمّلوا أنفسهم ما لا تطيق وخرجت أجسامهم بالأسقام والآلام ولم يظفروا بما يطلبون، فالمنبغي على الإنسان أن يتقي الله في نفسه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن لنفسك عليك حقاًّ)). فطالب العلم الموفّق يجعل وقتاً لنومه، ووقتاً لراحته، ووقتاً لاستجمامه، ووقتاً لمذاكرته ومراجعته، فإذا أعطى النفس حقوقها؛ فإنها بإذن الله تستجيب له وتعينه على الخير الذي يطلبه.

الأمر الثالث الذي أوصي به: حقوق إخوانك من طلاب العلم، ينبغي أن لا نجعل الاختبار وسيلة للتنافس غير المحمود، بل ينبغي عليك أن تكون سمح النفس، منشرح الصدر، تحب لإخوانك مثل ما تحب لنفسك، بل تحب لهم أكثر مما تحب لنفسك، فالاختبارات هذه كما هي امتحان للدنيا امتحان للآخرة، فإياك إياك أن تدخل في قلبك كراهية الخير لإخوانك، فإن جاءك أخوك يحتاج إلى إعانة، يحتاج إلى شرح يحتاج إلى مساعدة، سألك عن مسألة أو تعلم أن هذا شيء مهم يحتاج إلى تنبيه؛ نبهته عليه كل ذلك حتى تتعود الإيثار، وتتعود مكارم الأخلاق وتحمل نفسك على محاسنها، وتبتعد عن الأمور التي تغضب الله عز وجل التي منها الحسد ومنها كراهية الخير للمسلمين وكلما كان الإنسان يستجمع في نفسه حب الخير للعباد كان أقرب للفضل في الدنيا والآخرة، ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلاً مر على غصن شوك في الطريق، فقال: والله لأنحيَنّ هذا عن طريق المسلمين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير