تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لا يؤذيهم، فزحزحه، فغفر الله له ذنوبه)). يقول العلماء إن هذا الرجل لما جاء إلى الغصن يعني غصن الشوك إذا جئت تقارنه ببعض الحسنات قد يكون يسيرا أمامه، لكن الرجل قال: ((لأنحينّ عن طريق المسلمين لا يؤذيهم)) فكانت حسنته ليست على رجل ولا على رجلين ولكن على أمّة فلما كان هدفه وباعثه أنه غار على المسلمين، لا يحب الأذية لهم ولا يحب الإضرار بهم؛ هذا هو سبب المغفرة، رحم المسلمين فرحمه الله، فلما كان في النفس هذا المعنى، وكان في القلب هذا الشعور؛ كان له من الله عز وجل من رحمته ما لم يخطر له على بال، في رواية: ((فزحزحه عن الطريق فزحزحه الله عن نار جهنم)).

الإنسان كلما كان نقيّ الصدر سليم الصدر؛ نال الخير، وأظهر الله عز وجل سلامة صدره في فلتات لسانه وتصرفاته و أفعاله، وكلما تعوّد كراهية الخير للناس، وكراهية الفضل لهم حرّمه الله من الفضل؛ ولذلك حُرم الناس -نسأل الله السلامة والعافية- كثيراً من الخير بسبب ما في القلوب؛ كما قال الله-تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} فإذا وجدت الإنسان حريصا على حب الخير للناس، حريصا على نفعه، وطالب العلم من اليوم في مواطن الاختبارات ومواطن التنافس تجده سخي النفس، سمح النفس، يبذل ويعطي ويعين تجده غدا أحرى بإمامة الناس، ودلالتهم على الخير، ونشر الخير بينهم؛ لأنه عود نفسه على ما فيه خير دينه ودنياه وآخرته، فيحرص طالب العلم على أنه يبذل الخير لإخوانه، وأنه يعينهم ويكون هناك المعاني الإسلامية الكريمة من الإيثار والحب والتصافي والتواد.

وكذلك أيضاً مما يوصى به طلاب العلم أيام الاختبارات أن يحافظوا على ذكر الله عز وجل، فإن الإنسان كلما عظم عليه الهم والغم؛ جعل الله تفريج الهم والغم مقرونا بذكره؛ فقال عز وجل: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} فوالله، لا تزال القلوب في قلق وهم ونكد ونصب وتعب إلا إذا ذكرت ربها، والتجأت إلى الله خالقها فأثنت عليه بما هو أهله، فمجّدته وعظّمته وذكّرته، ومن ذكر الله؛ ذكره، ومن ذكره الله فلا تخشى عليه الضيعة، ولا تخشى عليه الفوات، وهو أمره إلى حسن العاقبة وحسن المآل {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ? الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا} فأولياء الله الذين هم على طاعته، والاستقامة على دينه، يذكرونه خاصة في مواطن الشدة، فإن الله يثبت قلوبهم، ويجعل أمورهم إلى خير.

فبعض طلاب العلم إذا جاءت الاختبارات يقصر في الصلوات، فيتأخر عن الصلاة مع الجماعة، ولا يأتيها إلا عن دبر، وكذلك أيضا ربما إذا فرغ من الصلاة قام على عجالة، فلا يذكر الله، ولا يحافظ على السنة، بالعكس أشد ما تكون حاجة في مواطن الكرب، وعود نفسك كلما ضاقت عليك أمور الدنيا وكلما عظمت عليك همومها وغمومها أن تتعوّد ذكر الله، وتجعل صلاتك وذكرك وإنابتك لله عز وجل أكثر وأعظم في حال الشدة والبلاء {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} أي فهلا إذا جاء البأس وجاء الخطب كانت الضراعة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ} فالإنسان يحرص على أنه يستديم ذكر الله عز وجل وأيام الاختبارات تكون أحرى بالمحافظة على الصلوات وشهودها مع الجماعة، والمحافظة على ذكر الله عز وجل والثناء على الله عز وجل بما هو أهله، ولا تكون سبباً لما هو خلاف ذلك، فإذا تعوّد طالب العلم من الآن أنه إذا ضاق عليه الأمر؛ حافظ على صلواته، وحافظ على ذكر ربه؛ استقامت له أمور دينه ودنياه وآخرته، والعكس بالعكس، فمن كان قليل الذكر لله، قليل الالتجاء إلى الله، يضيّع الصلوات ويتهاون بها في مثل هذه المواقف؛ فإنه -والعياذ بالله- إذا أصابته نكبات الدنيا؛ تشتت أمره، وضاع حاله-نسأل الله السلامة والعافية-؛ لأنه حرم أساس فلاحه وصلاحه في الدنيا والآخرة وهو ذكر الله. فينبغي لطلاب العلم أن يحرصوا على هذا، وأذكر ذات مرة عن قصة لأحد الفضلاء من الدعاة إلى الله أنه دخل على رجل غني ثري في أمر ما من الأمور، وكانت عنده مصيبة في ماله، وهذا الرجل أوتي من المال شيئاً كثيراً، فقال دخلت عليه، فلما حضرت الصلاة وهو يراجع معه القضية، قال فلما

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير