تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المسجد الأقصى المبارك هو الساحة المسورة شبه المستطيلة الواقعة فوق هضبة موريا في الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة بالقدس. وهذه الساحة أغلبها مكشوف، باستثناء عدة أبنية، أهمها الجامع القبلي (المبني في صدر الأقصى جهة القبلة وتعلوه قبة رصاصية)، وقبة الصخرة (المبنية في قلب الأقصى، ولونها ذهبي). كما يضمّ المسجد الأقصى المبارك عدة مصليات وقباب أخرى، وأسبلة مياه، ومواضئ، وآبار، ومصاطب، ومحاريب، وأروقة، ومدارس، وغيرها مما يقع داخل سوره.

ويخطئ البعض بإطلاق اسم "الحرم القدسي الشريف" على هذه الساحة، وإطلاق اسم "المسجد الأقصى" على الجامع القبلي، والذي هو المصلى الرئيسي داخل الأقصى، لأنهم بذلك يقصرون المسجد الأقصى المبارك على جزء صغير منه فقط، ممّا يسهّل التفريط في الأجزاء الأخرى، ويمهّد الطريق أمام المساعي الصهيونية لتقسيم الأقصى، والاستيلاء على بعض أجزائه!

إضافة إلى ذلك، فلفظ الحرم الذي بدأ إطلاقه منذ العصر المملوكي بقصد التشريف، خطأ شرعا، لأن في الإسلام حَرَمان فقط باتفاق العلماء هما حرما مكة والمدينة اللذان تقع عليهما أحكام فقهية خاصة. على أن كون المسجد الأقصى ليس حرماً لا يقلل من مكانته، فإن له الكثير من الفضائل الواردة في القرآن والسنة.

فالأصحّ أن يسمى باسمه الصريح الوارد في القرآن الكريم، قال تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير."

البناء والتاريخ

عن أبي ذر الغفاري، رضي الله تعالى عنه، قال: قلت يا رسول الله "أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام قال: قلت ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه." (رواه البخاري)

يدلّ هذا الحديث الصحيح على أن المسجد الأقصى المبارك هو ثاني مسجد وضع في الأرض، وذلك بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، مما يؤكد على أنه لم يقم قبله كنيس ولا هيكل ولا أي مبنى لعبادة غير الله.

ويرجح أن يكون آدم عليه السلام هو أول من بناه، ثم عمره النبيون بعده، ومنهم إبراهيم عليه السلام- الذي جدد أيضا بناء المسجد الحرام-، وسليمان عليه السلام- الذي جدد بناء المسجد الأقصى المبارك ودعا لمن صلى فيه.

وعقب الفتح الإسلامي للقدس عام 636م (الموافق 15هـ)، بنى عمر بن الخطاب رضي الله عنه جامعا في صدر المسجد الأقصى المبارك في موضع يعتقد أنه نفس الموضع الذي يقوم عليه الآن الجامع القبلي. ثم جاء الأمويون، وبنوا الجامع القبلي الحالي، وكذلك قبة الصخرة. وفي العهود اللاحقة، اعتنى المسلمون بإعمار المسجد المبارك، وترميمه، والبناء فيه، خاصة في العهد المملوكي.

ويخطئ البعض بالاعتماد على الرواية اليهودية المحرّفة القائلة بنسبة معبد أو هيكل مكان الأقصى إلى أنبياء بني إسرائيل عليهم الصلاة والسلام. فالمسجد الأقصى أقيم قبل بعثتهم جميعا ابتداء، ثمّ إنّهم، أساسا، أنبياء مسلمون لله تعالى، كما وصفهم القرآن، وما كان لهم أن يشيدوا بناء لعبادة غير الله.

كما يخطئ البعض بالقول بأنّ المسجد الأقصى المبارك بناء أموي. فهذا يتعارض صراحة مع الحديث الشريف الذي يؤكد أنّه ثاني مسجد وضع في الأرض. ويعود هذا الخطأ إلى الخطأ الأول الشائع الذي يقصر المسجد الأقصى المبارك على الجامع القبلي فقط.

فالواجب أن يتمّ الاعتماد -خاصة عند الحديث عن تاريخ المسجد الأقصى المبارك وبنائه- على القرآن الكريم والحديث الشريف، اللذين هما أدق وأصح المراجع، لا سيما في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ البيت المقدس.

ثانيا: الأسماء:

مما سبق يتضح ضرورة الالتزام والسعي إلى إلزام الآخرين باستخدام الأسماء التالية، تجنبا لاختلاط المفاهيم:

1 - "المسجد الأقصى المبارك" بدلا من "الحرم القدسي" للإشارة إلى كامل مساحة المسجد الأقصى المبارك.

2 - "الجامع القبلي" بدلا من "المسجد الأقصى" للإشارة إلى الجامع المبني في صدر المسجد جهة القبلة.

3 - الأسماء الإسلامية الصحيحة: "المسجد الأقصى المبارك" أو "بيت المقدس" أو "مسجد إيلياء" للإشارة إلى الأقصى في تاريخه القديم والحديث، ونبذ كلمتي المعبد/ الهيكل.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير