تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكما جعل المصريون كتابتهم على ثلاثة أنواع: الهيروغليفي (الكهنوتي)، والهيراطيقي (الدواويني)، والديموطيقي (الشعبي). كذلك كان الأمر في خطوط العصر العباسي، فكان لكل خط اختصاصات معينة، ومن ذلك قلَم الطومار: وكان مخصصا لتوقيع الخلفاء والكتابة إلى السلاطين؛ ومختصر الطومار وكان لكتابة اعتماد الوزراء والنواب والمراسم؛ وقلَم الثلثين وهو لكتابة الرسائل من الخلفاء إلى العمال والأمراء في الولايات؛ وقلم المدور الصغير وهو لكتابة الدفاتر ونقل الحديث والشعر؛ وقلَم المؤامرات لاستشارة الأمراء ومناقشتهم؛ وقلَم العهود لكتابة العهود والبيعات؛ وقلَم الحرم للكتابة إلى الأميرات؛ وقلم غبار الحلية لكتابة رسائل الحمام الزاجل.

هذا وقد اندثر كثير من هذه الخطوط وبقي بعضها الآخر مستعملا إلى يومنا هذا، وفيما يلي سنوضّح أهم هذه الخطوط وصفاتها واستخداماتها.

الخط الكوفي .. ليونة ودقة

يظن كثيرون خطأً أن الخط الكوفي قد نشأ في الكوفة، لذلك قد نسب إليها. والواقع أن هذا الخط الكوفي قد سُمي بهذا الاسم لعناية الكوفة به وليس لأنه نشأ فيها؛ حيث ازدادت حركة تهذيبه وتجميل حروفه وبهذا انفرد باسم "الخط الكوفي". وأرجح الأقوال في تاريخ الخط الكوفي أنه اشتُقّ من الخط الحيري أو الأنبارى، وسبب تسميته بعد ذلك بالخط الكوفي لأنه خرج وانتشر في مدينة الكوفة إلى أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي مع الجنود الفاتحين، وذلك في عصر ازدهار الكوفة.

وقد كان للكوفة نوعان أساسيان من الخطوط؛ نوع يابس ثقيل كان يسمى "الخط التذكاري"، وكان يستخدم في الكتابة على المواد الصلبة كالأحجار والأخشاب ويتميز بالجمال والزخرفة، وكان يخلو أحيانا من النقط وترابط الحروف. ونوع ليّن تجري به اليد في سهولة، وهو الخط الذي انتهى إلى الكوفة من "المدينة" وكان يسمى "خط التحرير"، وكان مخصصا للمكاتبات والتدوين والتأليف.

وقد نتج من المزج بين الخطين نوع ثالث يتصف بالرصانة والجمال، وهو "خط المصاحف" الذي يجمع بين الجفاف والليونة. وظل هذا الخط هو الخط المفضَّل طيلة القرون الثلاثة الهجرية الأولى.

وقد استنبطت من الخط الكوفي أنواع فنية وزخرفية قسّمها مؤرّخو الفنون الإسلامية إلى "الكوفي البسيط"، و"الكوفي المورق"، و"الكوفي المضفر المترابط"، و"الكوفي المهندس".

خط الثُّلُث .. أمّ الخطوط

ويسمّى خط الثلُث بأم الخطوط وأصلها؛ فلا يعد الخطاط خطّاطا إلا إذا أتقن خط الثلُث وهو أصعب الخطوط، يليه النسخ، ثم الفارسي .. أما عن تسميته فقد كانت الخطوط (الأقلام) تنسب إلى قلم الطومار وهو أكبر الأقلام مساحة، وعرْضه أربع وعشرون شعرة من شعر البرذون (حيوان يشبه البغال والخيل ويستخدم في نقل الأحمال). وقلم الثلُث أو خط الثلث هو بمقدار ثلث هذا القلم (أي ثماني شعرات) لذلك سمي بخط الثلُث. وهكذا في أسماء بعض الخطوط الأخرى كقلم الثلثَين وقلم النصف.

وينسب إلى الوزير الخطاط "علي بن مقلة" وَضْعُ قواعد خطّ الثلث، وقد سمي خط الثلث في العصور المتأخرة بـ"المحقّق"، وذلك لأن كل حرف من حروفه يحقق الأغراض المرادة منه.

ويستعمل خط الثلث في الكتابة على جدران المساجد والمحاريب والقباب والواجهات والمتاحف، وكذلك في عناوين الصحف والكتب، كما تكتب به أوائل السور في المصحف الشريف، وهو خط يحتمل كثيرا من التشكيل.

خط النَّسخ .. خادم القرآن

ينسب البعض اختراع خط النسخ إلى "عبد الله الحسن بن مقلة" وهو أخو الوزير الخطاط علي بن مقلة. وهناك من يرى أن خط النسخ أقدم من ابن مقلة بكثير. وأيًّا كان الأصل في هذا الخط فقد طور ابن مقلة هذا الخط إلى الشكل الذي هو عليه الآن حتى صار يختلف عن الخطوط السابقة. وقد سمي هذا الخط بخط النسخ لأن الكتّاب كانوا ينسخون به المصحف الشريف ويكتبون به المؤلفات، وكان ابن مقلة يُسميه "البديع" لشدة جماله. ويقترب خط النسخ من خط الثلث من حيث الجمال والروعة والدقة، وهو يحتمل التشكيل أيضا ولكن بشكل أقل من الثلث ويزيده التشكيل (النقط) حُسنا ورَونقا.

ويكتب بخط النسخ القرآنُ الكريم والحديثُ الشريف كما يصلح لبعض اللوحات الكبيرة، فقد كتب به على التحف المعدنية والخشبية وعلى الجصّ والرخام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير